قرار مجلس الأمن الدولي: نزع لأسلحة الدمار أم اختيار للحرب
بعد شهرين من الأخذ والرد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي تحت رقم 1441 عكست نصوصه صرامة بالغة في التعامل مع نزع الأسلحة العراقية، كاشفة، مرة أخرى، عن خلل فاضح في طريقة اتخاذ القرارات الدولية، من حيث أنها تستخدم المعايير المزودجة وتكيل بمكاييل مختلفة. كما تعكس غياب الإرادة العربية، وانهيار مفهوم التضامن العربي بين القيادات العربية، وسيادة لغة الصفقات بين القوى الكبرى، وهيمنة أمريكا على القرار، وهزيمة المبادئ التي قامت على أساسها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وضعف مؤسساتهما.
والحقيقة أن إلقاء نظرة فاحصة على نصوص القرار، تجعلنا نستنتج أنه ليس سوى محطة على طريق الحرب التي اختارت الولايات المتحدة شنها على العراق، كمقدمة لإعادة صياغة الخريطة السياسية للمنطقة. وسوف نكتفي في هذا الحديث بقراءة تلك النصوص، مستقاة من الترجمة العربية للنص الإنجليزي، كما وردت في موقع الـ بي بي سي باللغة العربية. على أمل أن نتناول مناقشة القرار وتحليله في الأحاديث المقبلة.
يضع القرار الجديد جدولا زمنيا ينتهي بـ 15 أسبوعا للحكم النهائي على ما إذا كان العراق يقوم بتطوير أسلحة تدمير شامل وصواريخ بعيدة المدى. وبينما يزيل أي استخدام تلقائي للقوة ضد العراق، فإن الولايات المتحدة لن تنتظر تصديق الأمم المتحدة على القيام بإجراء عسكري في حال عرقلة بغداد لعمل مفتشي الأسلحة. ويحمل في ديباجته إدانة للعراق حيث يشير إلى أنه كان ما يزال يقوم بانتهاك جوهري لالتزاماته بموجب القرارات ذات الصلة، من ضمنها القرار 687 عام1991، وخاصة من خلال إخفاقه في التعاون مع مفتشي الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويمنح العراق، وفقاً لهذا القرار، فرصة أخيرة لتنفيذ التزاماته على صعيد نزع الأسلحة بموجب القرارات ذات الصلة للمجلس. ويقرر تبعاً لذلك إنشاء نظام تفتيش مشدد لتحقيق إنجاز كامل ومثبت لعملية نزع الأسلحة التي تبناها القرار 687 عام (1991) والقرارات اللاحقة.
ويقرر أيضا أن على الحكومة العراقية أن تقدم إلى لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجلس، في وقت لا يتعدى 30 يوماً من تاريخ هذا القرار، تقريراً دقيقاً وشاملاً وكاملاً لبرامجها في تطوير الأسلحة الكيماوية والجرثومية والنووية، والصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار، وأنظمة الرش المصممة للاستخدام الجوي، بما في ذلك كل ما في حيازتها والمواقع المحددة لمثل هذه الأسلحة والمكونات وأجزاء المكونات ومخزون العناصر التي تستخدم في إنتاجها، والمواد والمعدات ذات الصلة، ومواقع وعمل منشآت الأبحاث والتطوير والإنتاج، بالإضافة إلى كل البرامج الكيماوية والجرثومية والنووية الأخرى، بما في ذلك أية برامج تدعي أنها لأغراض لا علاقة لها بإنتاج الأسلحة أو موادها.
كما يقرر أن أية معلومات كاذبة أو إغفالاً في التقارير المقدمة من العراق وفقاً لهذا القرار، وإخفاق العراق في أي وقت بأن لا يمتثل ويتعاون بشكل كامل في تنفيذ هذا القرار، سيمثل انتهاكا جوهرياً آخر لالتزامات العراق وسيُبلغ به المجلس لتقييمه.
وأن على العراق السماح للجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الفوري وغير المشروط وغير المقيّد إلى أي من المواقع والمنشآت والمباني والمعدات والسجلات ووسائل النقل التي ترغب في تفتيشها، بما فيها الموجودة تحت الأرض، بالإضافة إلى تمكينها من الوصول الفوري ومن دون إعاقة أو تقييد وعلى انفراد إلى كل المسؤولين وغيرهم من الأشخاص الذين ترغب لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقابلتهم بالطريقة أو المكان الذي تختاره لجنة التفتيش عن الأسلحة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية طبقاً لأي جانب من المهمات الموكلة إليهما.
ويقرر أيضا، أنه يمكن لـلجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تجري وفق ما تراه مناسباً مقابلات داخل العراق أو خارجه، ويمكن أن تسهّل سفر أولئك الذين تجري مقابلتهم وأفراد عائلاتهم إلى خارج العراق، وأن مثل هذه المقابلات يمكن أن تجري، وفق ما تراه لجنة التفتيش عن الأسلحة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية وحدهما مناسباً، دون حضور مراقبين من الحكومة العراقية. ويصدر المجلس تعليماته إلى لجنة التفتيش عن الأسلحة ويطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية استئناف عمليات التفتيش في موعد أقصاه 45 يوماً من تبني هذا القرار وتزويد المجلس بتقرير بعد 60 يوماً من ذلك الحين فصاعداً.
إضافة إلى ذلك، تحدد لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية تركيبة فرق التفتيش التابعة لهما وتضمن أن تتألف هذه الفرق من أفضل ما يتوفر من الخبراء المؤهلين ذوي الكفاءة. ويتمتع موظفو لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية بحقوق مطلقة للدخول إلى العراق والخروج منه، والحق في التحرك بحرية ودون قيود وبشكل فوري من وإلى المواقع التي تخضع للتفتيش، والحق في تفتيش أية مواقع ومبان، بما في ذلك إمكان الوصول فوراً ودون إعاقة أو قيود أو شروط إلى (المواقع الرئاسية) على نحو مماثل لهذا الحق في غيرها من المواقع.
وللجان التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية الحق في أن تُزوَّد من قبل العراق بأسماء كل الموظفين المرتبطين في الوقت الحاضر وسابقاً ببرامج الأسلحة الكيماوية والجرثومية والنووية والصواريخ الباليستية العراقية وما يرتبط بها من منشآت وأبحاث وتطوير وإنتاج. وسيتم ضمان أمن منشآت لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية بواسطة عدد كاف من حراس الأمن التابعين للأمم المتحدة. وتملك هذه اللجان الحق في أن تعلن، لأغراض تتعلق بعزل أي موقع يخضع للتفتيش، مناطق محظورة، من ضمنها مناطق محيطة بالموقع وممرات عبور، يوقف فيها العراق الحركة براً وجواً كي لا يجري تغيير أي شيء داخل الموقع الذي يخضع للتفتيش أو تنقل منه أية مواد. وسيتاح لها بحرية ودون قيود استخدام الطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحية، بما في ذلك طائرات استطلاع دون طيار.
ويحق لهذه اللجان وفقاً لما تراه هي وحدها مناسباً، أن تنقل أو تدمر أو تبطل على نحو يمكن التوثق منه كل الأسلحة المحظورة والمنظومات التابعة والمكونات والسجلات والمواد والمعدات الأخرى ذات الصلة، والحق في مصادرة أو إغلاق أية منشآت أو معدات لإنتاج هذه الأسلحة. ويحق لها أيضا، أن تستورد وتستخدم بحرية معدات أو مواد لعمليات التفتيش، وأن تصادر وتصدّر أية معدات أو مواد أو وثائق تؤخذ خلال عمليات التفتيش، دون تفتيش موظفي لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية أو الأمتعة الرسمية أو الشخصية.
وعلى العراق أن يمتنع عن القيام أو التهديد بأعمال عدوانية موجهة ضد أي ممثل أو موظف تابع للأمم المتحدة أو لأي من الدول الأعضاء أثناء عمله لدعم أي قرار للمجلس.
ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة إن يخطر العراق فوراً بهذا القرار، الذي يعد ملزِماً للعراق. ويتعيّن عليه أن يؤكد خلال سبعة أيام من هذا الإشعار نيته أن يمتثل كلياً لهذا القرار. كما يقرر أن على العراق أن يتعاون فوراً ودون شروط وبشكل فاعل مع لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويطلب القرار من كل الدول الأعضاء أن تقدم الدعم الكامل لـلجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في تنفيذهما للمهام الموكلة إليهما، بما في ذلك تقديم أية معلومات تتعلق ببرامج محظورة أو جوانب أخرى من المهام الموكلة إليهما، من ضمنها ما يتعلق بمحاولات العراق منذ عام 1998 الحصول على مواد محظورة، وبتقديم اقتراحات بشأن تفتيش مواقع وإجراء مقابلات مع أشخاص، وشروط مثل هذه المقابلات، ومعلومات ينبغي جمعها، وأن تقدم تقارير بنتائجها إلى المجلس من قبل لجنة التفتيش عن الأسلحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن يلتئم مجلس الأمن فوراً حال تسلّمه تقريراً من أجل أن يدرس الوضع والحاجة إلى الامتثال الكامل لكل قرارات المجلس ذات الصلة من أجل استعادة السلام والأمن الدوليين. ويذكر، في هذا السياق، بأن المجلس حذر العراق مراراً بأنه سيواجه عواقب خطيرة نتيجة لانتهاكاته المستمرة لالتزاماته، كما يقرر إبقاء هذا الأمر قيد المتابعة.
تلك كانت قراءة فاحصة لأهم نصوص القرار، على أمل أن تجري مناقشته وتحليله في حديث آخر بعون الله.
د. يوسف مكي
تاريخ الماده:- 2002-11-15