في التنافس المحتدم للوصول إلى البيت الأبيض

0 489
​​​​​قبل ثمانية أسابيع، من هذا التاريخ، وتحديدا في السادس عشر من يونيو/ حزيران، نشرنا مقالا في هذه الصحيفة، حمل عنوان “الانتخابات الرئاسية الأمريكية- قراءة أولية”، ناقشنا فيه اهتمامات الناخب الأمريكي، وأشرنا إلى أن الناس خارج دائرة النخب السياسية، لا يهتمون بالسياسة الخارحية.
وأن ما يهمهم، هو القضايا التي تؤثر على معاشهم وحياتهم اليومية. وفصلنا في البرامج الانتخابية المألوفة للحزبين الذين تداولا على السلطة بالولايات المتحدة، بالعصر الحديث.
أشرنا في هذا السياق، أن ما يحكم الناخب الأمريكي، ونتائح الانتخابات هو ستوى التضحم والكساد، وأن ذلك هو العنصر الحاسم في استمرارية تداول السلطة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
إن الأوضاع الحالية، الناتجة عن تحول كرونا إلى وباء، واستفحاله بالولايات المتحدة قد خلق أزمة اقتصادية حادة، تسبب فيها، من وجهة عدد كبير من المحللين، عدم قدرة الرئيس ترامب، على اجتراح سياسة ناجحة في احتواء الوباء، بحيث أدت إلى احتلال أمريكا المركز العالمي الأول في الإصابات بالوباء، وفي عدد المتوفين بسببه, حتى هذا الوقت، تجاوز عدد المصابين بالوباء أكثر من خمسة ملايين وخمسمائة ألف، وعدد من توفوا مائة وثمانين ألف.
وإذا استمرت الاوضاع على حالها حتى موعد الانتخابات، فإن من غير المستبعد، أن يصل عدد المصابين بالوباء بأمريكا عشرة ملايين فرد، وأن يتحاوز عدد المتوفين ربع مليون من البشر.
وإذا أضفنا إلى ذلك، ما تسبب فيه الوباء، من كساد اقتصادي كبير، نتيجة تعطل المصالح الحكومة، والصناعات الحيوية لتسيير الماكنة الاقتصادية، وطرد ملايين الناس من وظاتفهم، وتضاعف أعداد العاطلين عن العمل، فإن ذلك يمثل عائقا كبيرا، أمام احتمالات فوز ترامب بدورة رئاسية ثانية.
علاوة على ذلك، سيكون بيد المنافس الديمقراطي، بايدن، ما جرى من احتجاجات وأعمال عنف متكررة، في عدة مدن أمريكية، نتيجة سوء إدارة الرئيس الأمريكي، لحوادث اتسمت بالعنصرية، وغابت في معالجتها الموضوعية والقدرة على الاحتواء.
وعلى الصعيد السياسي الخارجي، وهو موضوع يتقصر الاهتمام به على النخب السياسية الأمريكية الفاعلة، لم يسجل ترامب أي اختراق حقيقي، في هذا المجال. فشل في تقويض طموحات كوريا الشمالية، في حيازة السلاح النووي. كما عجز عن إقناع إيران، بالتفاوض من أجل تعديل الاتفاق النووي. وفي الأيام الأخيرة، ووجه بصدمة كبيرة، في مجلس الأمن الدولي، حين رفض أعضاؤه بالاجماع، بما فيهم حلفاؤه، باستثناء صوت واحد، في استصدار قرار يجيز له، حرمان إيران من استيراد السلاحً.
يلجأ ترامب، لمعالجة خيباته السياسية، بالتركيز على الصين، وإيقاف تطبيق التكتوك، ويعطي مهلة للصين يحجب بعدها التطبيق بأمريكا، إلا إذا تم شراؤه من قبل شركة أمريكية، يقترح أن تكون المايكروسوف.
لكن فرض ذلك، سيصطدم بمواقف صينية صلبة، قد يكون من نتائجها تعريض المصالح الأمريكية في الصين للخطر, والواقع أن الصين بدأت تلوح بامكانية التخلي عن منتجات شركة أبل فوق أراضيها، بما يعنى نكسة اقتصادية كبيرة، لواحدة من أقوى الشركات الأمريكية.
وربما تكون وساطته بين دولة الإمارات و”إسرائيل”، من أجل التطبيع هي الشيء الوحيد الذي سيطرحه في حملته أمام الناخب الأمريكي، وهو أمر ليست له علاقة بمعاش الأمريكيين، ولا يعنيهم موضوعه، كونه يدخل في مجال السياسة الخارحية كما أشرنا في صدر هذا الحديث.
الديمقراطيون، من جانبهم، تصرفوا بذكاء يحسب لهم، في هذه الحملة. فهم اختاروا أن يكون مرشحهم، في هذه الحملة، جوزيف بايدن وهو شخص محسوب على اليمين، بحيث يمكن وصفه، بأنه جمهوري ضمن الحزب الديمقراطي.
إن مواقف بايدن السياسية، هي أقرب لمواقف المحافظين الجدد.
فهو مع الفوضى الخلاقة، وتفتيت البلدان العربية. وقد سبق له أن تقدم بالعقد الماضي، بمشروع تقسيم للعراق، أثناء عضويته للكونكرس الأمريكي. وتبني الكونجرس مسودة القرار، ولكن بصيغة القرار غير الملزم.
وبسبب من التوجه اليميني لبايدن، أعلن عدد من قادة الحزب الجمهوري، من ضمنهم الرئيس السابق، جورج بوش الأبن أنهم سيصوتون لصالحه، في هذه الانتخابات.
ومن جانب أخر، حرص بايدن، على ترشيح المحامية كمامالا هاريس، من أصول عرقية ملونة، لمنصب نائب له، في حالة فوزه.
وكان اختيارا دقيقا وموفقا. فهو بهذا الاختيار يرضي السود والحركة النسوية، في آن معا. ويبرز كقائد متحرر رافض للتمييز والعنصرية.
وما لم تحدث مفاجئات لصالح الرئيس ترامب، فإن احتمالات فوزه بدورة رئاسية ثانية، تبدو صعبة جدا. وليس علينا سوى الانتظار.
د. يوسف مكي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

2 × ثلاثة =


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

د.يوسف مكي