غيوم الخريف والرد الفلسطيني المطلوب
سلام الجليل.. عناقيد الغضب.. خريف الغضب.. أمطار الصيف، والآن غيوم الخريف عناوين لحملات إبادة رعاها ونفذها مجرمو الحرب في القيادة “الإسرائيلية”، بهدف معلن هو القضاء على المقاومة الفلسطينية، وأهداف أخرى غير معلنة تمثل أحيانا تسوية حسابات بين صناع القرار في الكيان الغاصب، وفي أحيان أخرى تكون تعويضا عن فشل في مواجهات سياسية وعسكرية في أماكن أخرى، على حساب الجرح والدم الفلسطيني.
غيوم الخريف التي تدخل يومها السادس عند كتابة هذا الحديث، لم تأت بهدف القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما هو معلن. فقد جربت الإدارات “الإسرائيلية” المختلفة، طيلة 40 عاما، دون جدوى أن تخمد جذوة مقاومة الشعب المحتل. كانت هناك حملات إبادة وفرض حصار وإغلاق للمعابر، وهدم للبيوت وجرف للمزارع والأسواق استمرت لفترات طويلة. وشملت تدمير مخيمات بأكملها وتحويلها إلى أنقاض، كما حدث في جنين. لكن الشعب الفلسطيني في كل مرة كان ينبعث من جديد بحضوره الراسخ عبر مقاومته الأسطورية.
إن رئيس الوزراء الصهيوني، أولمرت رغم فشل عمليات الإبادة المماثلة التي شنها كيانه من قبل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يؤكد على أن لا حدود زمنية لعمليته العسكرية الجديدة، وأنها تنتهي فقط عندما يتضح له أن أهدافها في منع إطلاق الصواريخ من الضفة والقطاع إلى الكيان الغاصب ومستوطناته، قد أنجزت، وأنه لا ينوي إعادة احتلال قطاع غزة.
هل صحيح فعلا أن هدف أولمرت من هذه العملية هو منع الفلسطينيين من إطلاق الصواريخ من مناطقهم في الضفة والقطاع على المستعمرات الصهيونية؟. وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي يجعله يطمئن إلى تحقيق غاية عجز هو وأسلافه عن تحقيقها من قبل؟.
إن القانون الطبيعي، هو أن يقاوم الشعب المحتل غاصبي حقه، وإن تأجيج الصراع من قبل قوات الاحتلال لن يؤدي إلى إخماد المقاومة بل إلى اكتشاف أدوات ووسائل جديدة تؤدي إلى تصعيدها. ولذلك فإننا نميل إلى أن هناك أهدافا أخرى، لعملية غيوم الخريف، غير تلك التي أعلن عنها.
فهذه العملية تأتي بعد فشل مجموعة من الاستراتيجيات الصهيونية بالمناطق المحتلة، وفي لبنان وسوريا. كان هناك تصور إسرائيلي، ثبت خطؤه، أن الساحة الفلسطينية قد أصبحت مفتوحة لحرب أهلية، بين من يعارضون اتفاقيات أوسلو وبين المتحمسين لها. وكان هناك تعويل على إضعاف وإسقاط حكومة حماس برئاسة إسماعيل هنية، وإضعاف الخط المناوئ للصلح مع الكيان الصهيوني من خلال هذه المواجهة. ولم يكن هناك بديل أفضل لأولمرت من أن يراق الدم الفلسطيني بواسطة صراع بين الفلسطينيين أنفسهم.
وكانت استراتيجية العدوان على لبنان، قد هدفت إلى تحقيق جملة مكاسب يأتي في مقدمتها الوصول إلى مياه الليطاني، وفرض تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 القاضي بنزع سلاح المقاومة الوطنية اللبنانية، وتسعير الصراع السياسي في لبنان، وعزل سوريا عن عمقها الاستراتيجي، واستفزاز قيادتها وجرها إلى فخ المواجهة العسكرية وإلحاق الهزيمة بجيشها. لكن تلك الاستراتيجية تأكد فشلها، بسبب التصدي البطولي للغزو من قبل المقاومة اللبنانية، ووعي جميع اللبنانيين، باختلاف أطيافهم ومذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية. ولم تتمكن الإدارة الإسرائيلية من تحقيق أي من أهدافها، سواء في الوصول إلى الليطاني، أو القضاء على حزب الله ونزع سلاحه، أو تفتيت وحدة الشعب اللبناني. بل إنها فشلت حتى الصعيد الدولي حين عجزت عن استصدار قرار عن مجلس الأمن وفقا لبنود الفصل السابع من ميثاقه.
كانت النتيجة فشل مشروعي الغزو الخارجي والتفتيت الداخلي للبنان. كما فشلت محاولات جر سوريا إلى فخ المواجهة. ومن جهة أخرى، عزز العدوان من صلة الرحم بين السوريين واللبنانيين، حين فتحت سوريا أبوابها لاستقبال النازحين اللبنانيين الفارين بجلدهم من جحيم القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، وضاحية بيروت الجنوبية.
والمؤكد أن الفشل المتلاحق لسياسات أولمرت في فلسطين ولبنان وسوريا قد أدى إلى تفكك الجبهة الداخلية للكيان الغاصب، وانقسام الصهاينة حول سياسات حكومتهم، وتراجع التأييد لنهج أولمرت. وهكذا وجدت الحكومة الإسرائيلية نفسها وسط أزمة سياسية، خانقة وأوضاع اقتصادية حرجة، لعلها هي التي دفعت بها إلى تصدير أزمتها إلى قطاع غزة.
ومن هنا تأتي حرب الإبادة الإسرائيلية في إطار معالجة أزمة داخلية تعيشها حكومة أولمرت سببها الفشل في لبنان، بتصديرها إلى خارج دائرة ناخبيها. وهي أيضا محاولة لاستعادة هيبة المؤسسة العسكرية التي أودت بها هزيمتها على يد المقاومين اللبنانيين. وهي محاولة يائسة سوف تتحطم على صخرة وعي الشعب الفلسطيني لأهدافها.
من هنا فإن الرد الفلسطيني المطلوب لمواجهة حرب الإبادة الصهيونية، يكمن في تفويت الفرصة على العدو، وعدم تمكينه من تحقيق أهدافه السياسية التي يختفي خلفها عدوانه. وحدة الشعب الفلسطيني، والقضاء على مقاومته الوطنية بكافة أشكالها وتشعباتها هما المستهدفان في هذه المواجهة. والرد المطلوب هو التسريع في قيام حكومة وحدة وطنية، والابتعاد عن سياسات التخوين والإقصاء والتهميش، والتمسك بالثوابت الوطنية، وتصليب الخط المقاوم، والعمل على إيجاد حلول للاختناقات الاقتصادية والاجتماعية. والتسليم بالخيارات الديموقراطية الشعب الفلسطيني، وبضمنها حقه في اختيار ممثليه دون ممارسة أي نوع من الإكراه والترهيب.
ولن يكون ذلك ممكنا، دون وقفة عربية تتضافر فيها جهود الخيرين، من أجل وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني، والخروج به من عنق الزجاجة، وصولا إلى تحقيق أهدافه في الحرية وحق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني.
yousifsite2020@gmail.com
د. يوسف مكي
تاريخ الماده:- 2006-11-08
2020-06–1 1-:03
علي الكاش/كاتب ومفكر عراقي من اليونان
الأستاذ يوسف مكي المحترم
أن خريف الغضب الأسرائيلي لا يزيله سوى ربيع التآلف الفلسطيني، ولا بد أن تدرك القيادات الفلسطينية أن الخلافات والأنشقاقات بينها من شأنها تغذية العدوان ألأسرائيلي وتشجيعه، فلا بد من لملمة الجراح ونبذ المخالفات والتوجه نحو توحيد الأيادي لدرء العدوان الأسرائيلي المستمر في ظل غياب الأرادة العربية.
كما تفضلت أستاذ مكي أن التعجيل بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية من شأنه أن يضع النقاط فوق الحروف ويثبت للعالم ان الفلسطينيين هم إرادة واحدة وتطلعات موحدة
ونسيج واحد غير قابل للتفتيت والتشرذم، وان المسؤولية الحقيقية تجاه القضية الفلسطينية تتجسد ليس في الجلوس على مقعد الحكم وإنما في القدرة على بذل الجهود والتضحيات والوقوف بقوة ضد هذا الأحتلال الأستيطاني البغيض .
نخشى أن تنطبق تسمية بيت حانون بالشهيدة كما سماها الرئيس الفلسطيني على مدن فلسطينية أخرى وعنئذ ستحل الكارثة على الجميع .
أما أستاذ مكي مطالبتك الصائبة بوقفة عربية تجاه هذا العدوان الغاشم فبالرغم من صوابها وأهميتها وأحقيتهالكن من المؤسف أن قول “وامعتصماه أنتهى مع نهاية زمن المعتصم” زمن النخوة العربية ؟ فقدد كمم قادتنا أفواههم عن قول الحق وأغلقوا عيونهم عن المشاهد المأساوية المرعبة الناجمة عن العدوان، وأصموا آذانهم عن سماع اصوات الأمهات والشيوخ والأطفال .. انه زمن التشرذم العربي فيا ويحهم وياويلهم من عقاب الله والشعب .