تقرير ميليس: كشف للجناة أم تحضير للعدوان؟!
في السابع من نيسان/ أبريل عام 2005 اتخذ مجلس الأمن الدولي، بضغوط مكثفة من الإدارة الأمريكية والحكومة الفرنسية القرار رقم 1595 الذي قضى بإنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة مقرها لبنان، لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقها بشأن جريمة الهجوم التي حدثت في 14 فبراير/شباط 2005 في بيروت، أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق، السيد رفيق الحريري وعدد آخر من مرافقيه. وتتضمن مهام اللجنة، كما أشير في القرار المذكور، المساعدة في معرفة المنفذين والمشرفين والمنظمين والشركاء في الهجوم.
وقد قام الأمين العام للأمم المتحدة بتكليف المدعي العام الألماني، ديتليف ميليس بالتحقيق في هذه الجريمة. وخلال هذا الأسبوع (20 تشرين الأول/ أكتوبر)، قدم ميليس، تقريره إلى مجلس الأمن الدولي. خلص التقرير إلى أن خيوطا كثيرة تشير بشكل مباشر إلى تورط مسوؤلي أمن سوريين في الاغتيال، وإلى ووجود تواطؤ من قبل أجهزة الأمن اللبنانية. وأشار التقرير في ثناياه إلى قائمة من الاتصالات الهاتفية التي أجراها عدد من الأشخاص قبل الاغتيال منها مكالمة بين أحد المشتبه فيهم وهو الشيخ أحمد عبد العال والرئيس اللبناني إيميل لحود، عن طريق الإتصال بالهاتف المباشر المحمول للرئيس لحود، كما اتهم وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بمحاولته تضليل التحقيق. وأوضح التقرير أن التحقيق لم يكتمل ولا تزال خيوط عدة بحاجة إلى تعقب ومتابعة. لكنه أكد أن جريمة الاغتيال كانت منظمة تنظيما واسعا وذات موارد وقدرات كبيرة، مشيرا إلى أنها أعد لها على مدار بضعة أشهر.
إن أهمية الحديث عن هذا التقرير لا تكمن في كونه وثيقة قانونية أصدرتها لجنة لتقصي الحقائق، ولكن في الأبعاد السياسية التي تحيط به. وأيضا من خلال ربطه بجملة آخرى من المشاريع والإستراتيجيات والمواقف والأهداف التي تتبناها وتسعى من أجل تنفيذها الإدارة الأمريكية، في سوريا ولبنان. ولذلك فإن حديثنا هذا لا ينتقص أبدا من موقف الإدانة للجريمة التي ارتكبت بحق الراحل، رفيق الحريري. فتلك الجريمة مدانة بكل المقاييس والإعتبارات الأخلاقية والسياسية. ولكن المدان هنا هو استخدام هذا الحدث المحزن كحصان طروادة للنيل من استقرار لبنان والعدوان على سوريا. حيث تتكثف السحب الآن فوق سماء الشام منذرة بريح عاتية لا تبقي ولا تذر.
ولعل ما يعطي لهذه الخشية مبرراتها هو سرعة التعجل الأمريكي والفرنسي لدعوة مجلس الأمن الدولي للإنعقاد لمناقشة التقرير، وإشارة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس إلى أن المجلس ينبغي أن يتخذ عقوبات صارمة بحق سوريا، بسبب عدم تعاونها مع لجنة التحقيق، على حد قولها.
كما يبرر هذه الخشية بعض الفقرات التي وردت في التقرير والتي تشير، دون اهتمام بالإعتبارات القانونية، إلى اتهام للإدارة السورية في لبنان بالضلوع في مخطط الإغتيال. فعلى سبيل المثال، جاء في المادة الثانية من ديباجة التقرير أن “من المعروف أن للاستخبارات العسكرية السورية وجود واسع في لبنان، على الأقل حتى انسحاب القوات السورية، بموجب القرار 1559. وكان كبار مسؤولي الأمن اللبنانيين السابقين قد عيّنهم جهاز الاستخبارات السورية هذا. ولما كانت أجهزة الاستخبار السورية واللبنانية العاملة معاً متغلغلة في المؤسسات والمجتمع في لبنان، فإنه يصعب تخيّل أن يكون هذا الاغتيال المعد له قد ارتكب من دون معرفتها”.
ومثل هذا القول، لا يستقيم مع منطق، ذلك أن الوجود السوري، الأمني والإستخباراتي في لبنان كان متحققا بشكل علني منذ عام 1975. وخلال هذه الفترة الطويلة اغتيل عدد كبير من المسئولين اللبنانيين، بينهم أثنين من رؤساء الجمهورية، ورئيس للوزارة، وأيضا بينهم عدد كبير من حلفاء النظام السوري. وإذا سلمنا بما ورد في ديباجة التقرير فإن النظام السوري يصبح مسؤولا عن جميع محاولات الإغتيال التي جرت في لبنان، بما في ذلك الإغتيالات التي شملت حلفاءه، وبعض الإغتيالات التي اعترف الكيان الصهيوني بارتكابها، وهذا أمر لا يستقيم مع عقل أو منطق.
إن تقرير لجنة ميليس يتراجع في الفقرة (21) من مقدمة التقرير عن ديباجته فيقول بالنص أن “اللجنة أسست حقائق وحددت المشتبه بهم على أساس الدلائل التي جمعتها والتي وفرت لها. وقامت اللجنة بتفحص واختبار هذه الأدلة بأفضل المعرفة التي لديها. وقبل اكتمال التحقيق، وتحليل كل المفاتيح والأدلة بالكامل، وإنشاء ادعاء مستقل وغير متحيز، فإن المرء لا يمكنه معرفة القصة الكاملة لما حصل، وكيف حصل ومن المسؤول عن اغتيال رفيق الحريري وقتل 22 شخصاً بريئاً آخر. لذلك فإن افتراض البراءة يبقى قائماً”. هنا لا نجد اتهاما للإستخبارات أو أجهزة الأمن السورية، بل نجد تأكيدا على صعوبة معرفة القصة الكاملة للإغتيال، وكيف حصل ومن المسؤول عن تنفيذه، وأن افتراض البراءة لا يزال قائما.
لكن التقرير لا يبتعد كثيرا عن الدور المنوط به لتسهيل عملية العدوان على سوريا، فيعود للحديث عن العلاقات بين سوريا والحريري، فيشير في المادة (26) بالنص إلى خلاف ظهر خلال لقاء في دمشق بين الحريري والرئيس الأسد في 26 آب/ أغسطس 2004، حيث أعلم الرئيس الأسد الحريري الذي كان وقتها لا يزال رئيسا للوزراء، بضرورة أن يصار إلى تمديد ولاية الرئيس لحود، وهو أمر عارضه الراحل الحريري. وأن الرئيس السوري قد هدد الحريري بتدميره.
إن أمامنا هنا قصة ربما تكون جيدة لانتاج دراما سينمائية، ولكنها بالتأكيد لا تصلح لأن تكون مرافعة قانونية في التعامل مع جريمة لها أبعاد سياسية كثيرة، وتعقيدات خاصة، وتتشابك فيها أطراف عديدة تختلف في مواقفها ورآها، كما هي قضية اغتيال الرئيس الحريري.
وبغض النظر عن الملاحظات القانونية والتقنية العديدة التي تسجل على التقرير ، والتي جعلت منه وثيقة مرتبكة ورغم الطابع التمهيدي لهذا التقرير، الذي اعتبره المحقق الدولي نفسه بداية وليست نهاية مشدداً على ضرورة استكمال التحقيق الذي قد يأخذ اشهراً او حتى سنوات، ورغم ان التقرير ذاته، وحتى بعد استكمال التحقيق، لن يكون اكثر من قرار ظني يقدم لمحاكمة عادلة وشفافة، فإن الادارة الامريكية، ممثلة برئيسها ووزيرة خارجيتها وممثلها في الامم المتحدة ومجلس الامن سارعت بطلب اصدار عقوبات ضد سوريا. وذلك يكشف بوضوح الاغراض السياسية الواضحة التي تريد استخدام الجريمة مدخلا للنيل من سوريا.
ان هذا الاستعجال الامريكي، والذي يترافق مع ضغوط حادة لنزع السلاح عن المقاومة الفلسطينية المتواجدة في سوريا ولبنان، يذّكر بشكل لا لبس فيه بالذرائع الأمريكية للعدوان على العراق، وبعربات أسلحة الدمار الشامل والخرائط والعلاقات مع القاعدة التي تقدم بها وزير الخارجية الأمريكي، كولن باول لمجلس الأمن، قبل الإحتلال بفترة وجيزة، وكيف تهاوت تلك الذرائع مجتمعة، ولكن بعد خراب البصرة وفوات الأوان.
فكما تذرعت الإدارة الأمريكية في عدوانها على العراق واحتلالها له بادعاءات كاذبة، وشهادات مزيفة “لمنشقين” حول وجود اسلحة دمار شامل، ولجان تفتيش دولية منحازة ومعلومات محرضة من الموساد الصهيوني، فإنها تعيد الآن تكرار سيناريو مماثل، ولكن ضد سوريا هذه المرة، في اطار استراتيجيتها الكونية المعلنة ” الفوضى البناءة” لتدمير الكيانات الوطنية وسلب الشعوب استقلالها وهويتها ووحدتها، تحت ذرائع واهية وقرائن غير مثبتة قانونيا، وعلى شهادات زور لن تلبث أن يتكشف بطلانها.
ان هذا الانقضاض الامريكي، المدفوع بضغوط من قوى صهيونية متنفذة، على سوريا انطلاقاً من لبنان يتطلب تنبها وحذراً من كل الجهات والتيارات السياسية في لبنان وأن تدرك، بغض النظر عن مساحات الاختلاف بين بعضها والقيادة السورية، ان أي أذى يلحق بسوريا سيلحق بلبنان حتما، وبكل دول المنطقة، ولذلك ينبغي رفض استخدام لبنان، وجريمة الاغتيال بالذات، كمنصة صهيو – امريكية ضد بلد شقيق، وشعب شقيق.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية الحالية، لم تتعلم من درس العراق، الذي تتكبد فيه خسائر ضخمة يوميا، والذي بات الخروج السريع منه مطلبا لأغلبية الأمريكيين، فإن على القيادات والقوى والتيارات اللبنانية والعربية ان تتنبه من الوقوع في الفخ المنصوب لها، وأن تتجاوز كل الحساسيات والرواسب السلبية فيما بينها، لكي لا تتكرر محنة العراق وفلسطين في سوريا ولبنان وكل دول المنطقة. ولكي لا يقال عنا نحن العرب… أننا لا نتعلم من التاريخ…
yousifsite2020@gmail.com
د. يوسف مكي
تاريخ الماده:- 2005-10-26
2020-05–1 0-:03
حور منير من cairo
لبنان شامته ضعيفه فرحانه معتقده ان هذا فى مصلحتها و سوريا كالدخان الذى بلا نار فى صوره الفـأر الذى يهرب من المصايد ولكن لم نمسع عى فأر هرب من قبل
فالبيئه جاهزه للعب والكبار يستطعون فلاما لا والأخوه الضعفاء متفرجون بل فى امكانك فى الحصول على تأييد لو طلبت
لا يوحجد اى خطه نحن من نصنع الخطط بأنفسنا ولو كنا اقوياء لكنا اصحاب اللعبه والكبار
وعلى الضعيف المشاهده وأنصح نسل الحريرى بالمشاهده واكمال المشوار على الصعيد الآقتصادى أما السياسى فليس على ضعيف حرج
2020-05–1 0-:04
khalid من kurdistan
its clear and we all know that syria is country which has been dominant by baath party for long time and those fascism people are able to do any things for thier self interest .while they want to stay in the power they have to do some assasination, i dont want to explain every thinks . but one thinks syria has sold as sam as iraq .
never ever i get it back because all arab leader are slaver for an other counties .not more than that
thanks for your time
your faithfully
khalid khedri
kurdistan-sanandaj-mariwan
2020-05–1 0-:05
سلوى من لبنان
التاريخ يعيد نغسه والكوره فى ملعبهم ونحن من تركتاها لهم ودفنا رؤوسنا تحت الرمال
من يوم سقوط صدام يجب علينا ان نبارك لهم
الطريق الى دمشق تبدو سالكه والنظام يتخبط ولايعرف كيف يتصرف ولاشك بأنه يحتضر
وعلى نفسها جنت براقش
2020-05–1 0-:06
محمد فريد من السودان
للأسف يادكتور هو سيناريو اعد ويتم اخراجه فى مكاتب صهيو_أمريكيه وللأسف أكثر لن يتعظ العرب متجاهلين قوتهم فى اتحادهم الذى بدا أشبه بالمستحيل متناسين أن الدور القادم سيكون فى محطه عربيه أخرى
وتتوالى المصائب وتلحق بنا الى عقر الدار فكلنا فى وجه هذه العاصفه
وأرجوك أن لاتتوقع أى تحسن فى الموقف العربى بل نحن من ضعف الى اكثر ومن تشتت الى ضياع