بعد تقرير البرادعي: أزمة الملف النووي الإيراني إلى أين؟!

0 201

شهدت قضية الملف النووي الإيراني، تصعيدا كبيرا في الحرب الكلامية بين الإدارة الأمريكية والقيادة الإيرانية، بما ينبئ بتطورات متسارعة. فمن جهة حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس من أن بلادها ربما تتخذ إجراءات خارج إطار مجلس الأمن الدولي لإجبار إيران على وقف برنامجها النووي.

 

وقالت رايس في مقابلة مع محطة “CBS” التلفزيونية الأمريكية إن بلادها ما زالت تراهن على عدد من الخيارات الدبلوماسية داخل مجلس الأمن، لكنها أكدت أنه في حال عجز المجلس عن التحرك بسرعة فإن واشنطن وحلفاءها لا يمكن أن ينتظروا إلى ما لا نهاية. وفي المقابل، أكد المسؤول الإيراني المكلف بالملف النووي علي لاريجاني أنه لا يمكن إجبار بلاده على وقف برنامجها النووي، مشددا على أن طهران سترفض أي قرار من مجلس الأمن يطالبها بتجميد نشاطاتها النووية.

 

وخلال هذا الأسبوع أيضا، أعلن أن الرئيس الأمريكي، جورج بوش عقد جلسة مشاورات مغلقة مع المهندس الحقيقي لمبدأ الحرب الوقائية وزير الخارجية الأسبق، جورج شولتز وعدد من كبار مساعديه في معهد هوفر وذلك بمقر شولتز في جامعة ستانفورد.

 

وفي نيويورك سلم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريراً إلى مجلس الأمن، مشيرا فيه إلى أن إيران لم تتعاون بما فيه الكفاية مع وكالة الطاقة، مما ساهم في تعقيدات أكثر للموقف. وجاء في التقرير أن الوكالة الدولية أخذت عينات في 13 أبريل الجاري من منشأة نطنز الإيرانية لتخصيب اليورانيوم “أكدت حتى ذلك الوقت مستوى التخصيب الذي أعلنته إيران. وأضاف التقرير أن الوكالة الدولية لم تستطع استبعاد حصول إيران على البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في إنتاج أسلحة نووية، من الخارج.

 

كيف ستتعامل الإدارة الأمريكية مع هذه القضية؟ وما هي السيناريوهات المحتملة؟

 

في الحديث الماضي، أشرنا إلى أن أقرب السيناريوهات إلى المنطق هو اضطلاع الكيان الصهيوني بتوجيه ضربة جوية إلى إيران. وأن الإدارة الأمريكية ليس بمقدورها اتخاذ أي قرار جدي تجاه طهران، طالما هي غارقة بقواتها في المستنقع العراقي. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن السياسة هي فن الممكن، وأن الحرب هي الأخطر بين الخيارات لتحقيق أي هدف مطلوب، فإن كل ما هو متوفر من معلومات، يشير دون أدنى شك إلى استحالة الخيار العسكري الأمريكي، رغم تهديدات المسؤولين الأمريكيين وقرعهم المستمر لطبول الحرب.

 

لقد شاء سوء طالع الأمريكيين أن يواجهوا هذه الأزمة، أثناء انكشاف أوضاعهم في العراق، وعجزهم عن قهر إرادة المقاومة. وكانت حوادث بعقوبة خلال الأيام القليلة الماضية، وتمكن المقاومة العراقية من الاستيلاء عليها، وطرد القوات الأمريكية وقوات الشرطة العراقية منها، هو الدليل القاطع على أن أزمة الاحتلال في تصاعد، وأن استمرار الأمريكيين ببلاد الرافدين له نتيجة واحدة فقط.. مزيد من القتلى والخسائر في صفوف الأمريكيين، بصورة أعتى وأعنف من النتائج التي شهدوها في فيتنام.

 

وليس من شك أن الإدارة الأمريكية تدرك عمق مأزقها الحقيقي في العراق، وأنها فعلا أصبحت رهينة في هذه البلاد، بما يهدد في الصميم أمنها القومي، ويجعلها عاجزة تماما عن الدخول في أية مواجهة دولية أخرى، أياً تكن الأسباب. إن الوعي بهذه الحقائق، هو الذي حرض إدارة الرئيس بوش على تكليف وزير الدفاع، رامسفيلد ووزيرة الخارجية، رايس على القيام بزيارة مفاجئة لبغداد في الأسبوع المنصرم. وكانت النتائج التي رشحت عن الزيارة قد أكدت أنها جاءت في إطار إيجاد مخرج للمأزق الأمريكي.

 

فلأول مرة تعلن الإدارة الأمريكية عن خطط زمنية للانسحاب من العراق… ولأول مرة أيضا يعلن عن سحب ما يربو على الـ20% من العدد الكلي للجنود الأمريكيين مع نهاية هذا العام، في وقت تشهد فيه البلاد انفلاتا أمنيا شاملا، وتصاعدا نوعيا لعمليات المقاومة. إن سياسة تعريق الحرب، على غرار فتنمة الحرب، هي مقدمة أكيدة للتسليم بالهزيمة والاعتراف بانتصار إرادة الشعب المقاوم. وإلا كيف نفسر عملية سحب قوات أمريكية من العراق، بهذا العدد الضخم، في وضع لا تستطيع الشرطة المعينة من المحتل، ولا القوات المؤسسة حديثا من السيطرة على قرية صغيرة بحجم بعقوبة، ويقر الأمريكيون أن الذين هاجموا بعقوبة من “المخربين” قد تجاوزوا الـ500 مقاوم. ويأتي إعلان موفق الربيعي، عن خروج نهائي للقوات الأمريكية قبل نهاية عام 2008، ليؤكد ما ذهبنا إليه عن النية في تعريق الحرب.

 

وجاءت هذه التطورات متزامنة مع تصريحات للزعيم الكردي، جلال الطالباني عن مفاوضات تجري مع عناصر المقاومة الوطنية لإشراكها في العملية السياسية، في حين تؤكد مصادر المقاومة، أن لا مجال للدخول في أية عملية سياسية مع المحتل والقوى التي تردفه، وأن برنامجها السياسي يرتكز على طرد آخر جندي أجنبي، وتحرير العراق، وعودته عربيا، هوية وانتماء وكيانا ومستقبلا. وفي نفس الوقت، يعلن عن اعتداءات عسكرية إيرانية على مخافر في الجزء الشرقي من شمال العراق، لتقدم بعض إيماءات عن اتجاه بوصلة الصراع الأمريكي مع إيران.

 

إن القراءة المتأنية للتطورات التي أخذت مكانها هذا الأسبوع، في العراق تشير إلى أن مجمل الرسائل التي نتجت عن زيارة رامسفيلد ورايس، هي بالدرجة الأولى موجهة للإيرانيين. إن الإدارة الأمريكية تحاول أن تقول للإيرانيين، إنها مستعدة للمواجهة مع طهران، وإنها لن تقبل بالبقاء رهينة في العراق لصالح القيادة الإيرانية. وإنه إذا كان ثمن المواجهة مع إيران هو الخروج من العراق، فليكن ذلك. لكن لعبة البوكر هذه، تفتقر إلى أبسط مقومات التحليل الموضوعي. إن غزو العراق، هو جزء من مشروع أمريكي كوني، بنت عليه الإدارة الأمريكية كل حساباتها.

 

ورغم التسليم بأن هذا المشروع قد فشل فعلا، ولم يعد بالإمكان استكماله، كما خطط اليمين الأمريكي، لكن مواجهة الأزمة هي شيء، والتسليم بالفشل شيء آخر… مواجهة الأزمة تعني استمرار نزيف الخسائر، من القتلى والجرحى والمال والعتاد، أما التسليم بالفشل، فهو يعني سقوط المشروع الكوني الأمريكي، الذي أعلن عنه بوش عشية الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 برمته. وهو ما لا يلوح في الأفق أن الإدارة الأمريكية مستعدة له، الآن على الأقل.

 

لذلك كله، فإن احتمال قيام حرب بالوكالة، يشنها الكيان الصهيوني، يبقى هو الأكثر اقترابا من المنطق، وهو بالتالي يخدم استراتيجية إسرائيل بالتفرد بامتلاك السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل في المنطقة بأسرها، لكن مواجهة أمريكية مباشرة لإيران، تبقى احتمالا قائما، لا ينبغي استبعاده على كل حال. فالإدارات الأمريكية المختلفة، عودتنا في الماضي على التعامل مع قضايا الشعوب، بعقلية رامبو رغم قسوة الدروس التي واجهتها هذه الإدارات في بقاع كثيرة من كوكبنا الأرضي. وإذا ما أقدمت أمريكا على مثل هذه الخطوة، فسوف تعجل من هزيمتها بالعراق.

 

إن المنطقي والمقبول، في حال تعرضت إيران لهجوم أمريكي، هو أن تتضافر جهود العراقيين والإيرانيين، على السواء لرد العدوان. فمهما يكن صراع المقاومة العراقية مع الوجود الإيراني، فإنه ليس استراتيجيا. إنه محكوم بقانون الفعل ورد الفعل. تعاونت إيران ونسقت مع الأمريكيين في احتلالهم للعراق، فصنفت ضمن قائمة أعداء المقاومة الوطنية بحكم هذا الفعل. أما إذا اختارت المواجهة مع الأمريكيين، فإن تحالفات جديدة سوف تنشأ، بين المقاومة العراقية والقيادة الإيرانية، وسوف تنعكس نتائجها في تغيرات دراماتيكية وجذرية في خارطة التحالفات السياسية العراقية الداخلية، بما يعزز من مشروع طرد المحتل، ويسرع في تقهقر مشروع التفتيت الطائفي والإثني.

 

ففي السياسة كما يقال، ليست هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، إنها صراع إرادات ومصالح، وآمال ورؤى… توجه البوصلة وتتحكم في مسارها.

 

صحيح أن سر خصوبة بلاد السواد هو في وجود نهرين عظيمين وأن الرمال العراقية طينية ولزجة، تلح على أن تبقي أثارها قوية وواضحة في جباه العراقيين، وفوق شمم جبالهم العالية لكنها حين يصبح الأمر متعلقا بالدفاع عن التربة، عن سفوح زاخو وسهول الأنبار وعن مشحوب يتهادى ببطء في منطقة الأهوار تتحول إلى رمال متحركة، وإلى كثبان عاتية تمارس دورها في قهر المحتل، فيستحضر العراقيون والإيرانيون على السواء تاريخا مجيدا، يطهر ما في النفس من أدران الحقد والكراهية، لينطلق الحشد المؤمن لملاحقة الغزاة وطرد فلولهم، ولإلحاق الهزيمة بمشاريع لصوص القرن. “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”. صدق الله العظيم.

 

 

د. يوسف مكي

تاريخ الماده:- 2006-05-03


 

2020-06–0 5-:06

علي محمود الطوخي من مصر

أتأسف لهذا التحليل السطحي لكاتب يدعي أنه معروف، للأسف تحليل يميل إلى الصحافة أكثر منه للبحث العلمي.

 

2000-00–0 0-:00

سعد إبراهيم من ليبيا

وأكثر من ذلك، يضعه صاحبه -رئيس التحرير- في مقدمة المقالات، ويستفيد من البقاء أطول مدة مقارنة مع مقالات أخرى، أية ثقافة هذه تروجون لها؟ ثقافة العنصرية؟ ثقافة التميز؟ فاقد الشيء لايعطيه يا”دكتور”؟

إبحث لك عن مهنة أخرى غير الكتابة كالتجارة أو غيرها فلربما تتلاءم ومطامحك وإمكانياتك.

 

2000-00–0 0-:00

منصور عامر من اليمن

الغريب في الأمر أن صاحبه يفرضه على القارئ كعادته في مقدمة المواد ويحظى بالبقاء في الموقع أطول مدة مقارنة بباقي المواد التي غالبا ما تكون أفضل وأجود، ماهذا الميز؟ أهكذا تبلورون ثقافة التجديد؟

إنها قلة الحياءوالله

 

2000-00–0 0-:00

سعيد باقر من وجدة، المغرب

أشكركم أيها الإخوة على هذه الملاحظات السديدة التي كنت استحضرتها مرات متعددة كلما ترددت على هذا الموقع.

 

2020-06–0 5-:02

نبيل حطاري من فرنسا

إذا لم تستحي فافعل ما شئت، إنك بهذا السلوك المتهافت والعنصري الذي تكلم عنه الأصدقاءتناقض أخلاق المثقفين الحقيقيين وتضع نفسك في خانة من يقول الشيء ولا يفعله، ماذا تعتبر نفسك؟؟

كونك رئيس التحرير لا يسمح لك ذلك أبدا أن تفرض على القراء مواضيعك السخيفة والعبثية..

ولتتحمل لجنة التحرير مسؤوليتها أمام هذه المهازل حتى يمكننا احترامها واحترام المواضيع التي تقدمها لناواحترام هذا الموقع.

فملاحظتنا هي تصب في الحرص على مصداقية هذاالموقع وليس العكس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ثلاثة × 5 =


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

د.يوسف مكي