النظام الإقليمي العربي والشرق الأوسط الجديد

0 236

لافتات ثلاث تكرر طرحها من قبل عدد من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، على رأسهم وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس، خلال العدوان الصهيوني على لبنان، هي على التوالي: تطبيق القرار رقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، السيد رفيق الحريري والذي حمل بنودا رئيسية ثلاثة طالبت بتشكيل لجنة تحقيق دولية لمعرفة القوى التي وقفت خلف جريمة الاغتيال، كما طالبت بخروج القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية. وقد ناقشنا في حديث سابق بنود هذا القرار، والبنود التي طبقت منه، وتلك التي بقيت معلقة حتى يومنا هذا، اللافتة الأخرى، هي خطة أولمرت لتحديد خارطة نهائية للكيان الصهيوني بحلول عام 2010. وقد تناولنا هذا المشروع بالقراءة والتحليل في حديث سابق. وكانت اللافتة الأكثر حضورا أثناء العدوان هي أن هذه الحرب تشكل مخاض الولادة لشرق أوسط جديد.. وكان الرئيس الأمريكي، جورج بوش ووزيرة خارجيته، رايس هما الأكثر حماسا في التبشير بمخاض الولادة الجديدة.

 

فما هو هذا الشرق الأوسط الجديد؟

 

نشير ابتداء إلى أن الشرق الأوسط، هو مفهوم جيوسياسي، وأنه ينطلق من وجود مركز لهذا الكون، ليس صدفة أن يكون هذا المركز هو أوروبا. فهذه القارة هي التي أوحت للعالم أن بؤرة التقدم البشري ستنطلق منها كمركز إشعاع حضاري.. قادر على أن يحدث تحولات تاريخية في المجتمعات المتخلفة. وقد أرسلت جيوشها الاستعمارية لمختلف بلدان العالم الثالث تحت شعار تمدين شعوب هذا العالم، وإحداث نقلة نوعية في حياته.. وكان الثمن باهظا وقاسيا.

 

ومن منطلق المركزية الأوروبية رأينا العالم تحدد مسمياته في الجغرافيا السياسية تبعا لموقعه من المركز. فهناك شرق أقصى وشرق أوسط وشرق أدنى، مع ملاحظة أن اكتشاف جاليلو لكروية الأرض، وأنها تدور، هو اكتشاف أوروبي، لكن للقوة قوانينها التي ينبغي أن تؤخذ حساباتها بعين الاعتبار على أية حال. وبموجب هذا المنطق أيضا، يمكننا فهم الأسباب التي تجعل من ساعة جرينتش، بمدينة لندن، مركزا للتوقيت العالمي.

 

ولأن مفهوم الشرق الأوسط هو بطبيعته جيوسياسي، مرتبط باستراتيجيات الدول الاستعمارية في المنطقة، فإن حدوده غير ثابتة، وخاضعة لاستراتيجية الدول العظمى ذات العلاقة، في مرحلة تاريخية محددة. ولذلك فإن حدوده قابلة للانكماش والتمدد تبعا لتلك الإستراتيجيات. فعلى سبيل المثال، تنتهي حدود الشرق الأوسط غربا أحيانا بمصر، وأحيانا أخر تدخل ليبيا وتونس ضمنها، وجنوبا يكون السودان أحيانا ضمن تلك البلدان، وأحيانا يكون خارجها.. والقول صحيح أيضا بالنسبة لليمن. بالنسبة للحدود الشمالية والشرقية لم يكن هناك خلاف، ولم تحدث متغيرات، وسبب ذلك واضح جدا بالنسبة لأي مراقب يتابع عن كثب تطور الأحلاف والمعاهدات والمشاريع الاستعمارية في المنطقة، التي أخذت مكانها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى بدايات هذا القرن.. وبضمنها حلف بغداد، والمعاهدة المركزية السنتو، ومشروع ملء الفراغ، إثر القرار البريطاني بالانسحاب من شرق السويس في مطلع السبعينيات من القرن المنصرم.. كانت باكستان، شرقا، وتركيا شمالا دائما ضمن طليعة تلك المشاريع.

 

والواقع أن الإشارة إلى الشرق الأوسط كمنطقة جيوسياسية، وليس كنظام إقليمي، قد برزت أول مرة بحدة خلال الحرب العالمية الأولى، أثناء الحديث بين المنتصرين عن تقاسم تركة السلطنة التركية. وكان اتفاق سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا، ووعد بلفور عام 1917، الذي قضى بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود، ووضع الأردن والعراق تحت الوصاية البريطانية، والاحتلال الفرنسي لسوريا، وجملة أخرى من الترتيبات العسكرية والأمنية في المنطقة بين المنتصرين في الحرب هي المفردات الأولية لقيام نظام شرق أوسطي بالمستقبل.. لكن تشكيل نظام إقليمي مستند على هذا التصور الجيوسياسي بقي مؤجلا لعقود عدة.

 

وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت صورة الشرق الأوسط، في خارطة صناع القرار البريطانيين والأمريكيين أكثر وضوحا. فقد حسمت علاقة تركيا وباكستان وإيران بالغرب كحلفاء استراتيجيين. وأضيف الكيان الصهيوني الغاصب لقائمة الحلفاء بعد تأسيسه على أرض فلسطين عام 1948. وقد تجلى ذلك بوضوح في مختلف المشاريع المشبوهة التي طرحها الأمريكيون والبريطانيون بالمنطقة منذ بداية الخمسينيات من القرن المنصرم. ولم يكن بالإمكان آنذاك قيام نظام إقليمي شرق أوسطي، بسبب خصوصية تلك المرحلة، التي اتسمت بقيام حركات التحرر الوطنية للتخلص من هيمنة الاستعمار الغربي التقليدي، وأيضا بسبب الرفض العربي الشامل، الذي عبرت عنه الأمة العربية حكومات وشعوبا لزرع الكيان الصهيوني في القلب من أرض العرب، وأيضا تجاه الظلم والجور الذي لحق بشعب فلسطين.

 

وكان النهوض العربي والمواقف الحاسمة لبعض الحكومات العربية قد حالت دون التفكير بقيام نظام إقليمي شرق أوسطي، يكون بديلا عن النظام الإقليمي العربي الذي دشنه على الصعيد الرسمي عقد مؤتمر قمة عربي في مدينة أنشاص وتأسيس جامعة الدول العربية. وكان البديل عن ذلك هو قيام محور شرق أوسطي متحالف مع الغرب، على شكل حلف أحيانا، ومعاهدات واتفاقيات في أحيان أخر، يضم إلى جانب الدول العربية التي تتماهى في سياساتها مع الغرب، دولا أخرى كإيران وباكستان وتركيا، ويرتبط به عن بعد الكيان الصهيوني. وقد تشكلت أحلاف عسكرية وسياسية في الخمسينيات على هذا الأساس، في مقدمتها مشروع أيزنهاور وحلف بغداد والمعاهدة المركزية. وبالمقابل تشكلت محاور عربية مناوئة لهذه المشاريع تضمنت القاهرة والرياض ودمشق وصنعاء. وكانت الظروف غير مهيأة لنجاح محاور الشرق الأوسط المشبوهة، وبنهاية الخمسينيات تأكد فشلها جميعا.. ولم تعد المناخات ملائمة لمواصلة الحديث عنها من قبل صناع القرار في الغرب، وبقيت مصطلحا جيوسياسيا يشار له في الأدبيات السياسية وفي الخرائط التي تصدر عن مؤسسات أكاديمية غربية.

 

وينبغي الإقرار أن النظام الإقليمي العربي، المتمثل في جامعة الدول العربية، رغم ضعفه حقق جملة من الإنجازات. فقد أكد، خلال الثلاثة عقود الأولى من تأسيس الجامعة على انتماء المواطنين العرب المقيمين على بقعة تمتد مساحتها من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي لأمة يربطها تاريخ مشترك وجغرافيا وثقافة وآمال ومعاناة مشتركة. وتوصلت الدول العربية من خلال ارتباطها بالجامعة إلى اتفاقيات ثقافية وإعلامية، واقتصادية شملت العمل على تحقيق تكامل اقتصادي عربي، وزيادة التبادل التجاري بين الأعضاء، كما شملت توقيع اتفاقيات لتنشيط سوق العمالة العربية. وأهم من ذلك بكثير، أن القادة العرب وقعوا على معاهدة دفاع مشترك، وعلى ميثاق للأمن القومي العربي الجماعي. وتوصلوا إلى اتفاقيات أمنية، ووقفوا موقفا جماعيا تجاه القضايا المصيرية العربية، في مشرق الوطن العربي ومغربه. وفي المعارك التي خاضها العرب دفاعا عن استقلالهم وحريتهم. وقد بلغ هذا الدور أوج قوته في حرب أكتوبر عام 1973، حين وقف النفط والسلاح في خندق واحد، فكانت معركة العبور العظيم، وتحطيم خط بارليف. وأيضا عبورنا النفسي من حالة الخوف والإنكسار والهزيمة إلى الضفة الأخرى، حيث أثبت المقاتل العربي قدرته على القتال بكفاءة وانتزاع النصر. ولا شك أن صمود النظام العربي الرسمي قد عطل من مشروع الشرق الأوسط خلال تلك العقود، وأفشل كثيرا من المعاهدات والأحلاف.

 

لكن البحث عن حلول منفردة لأزمة الصراع العربي- الصهيوني من قبل بعض الدول العربية. وما نتج عنه من توقيع اتفاقية كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقية أوسلو بين مصر والأردن والفلسطينيين من جهة، وبين الكيان الصهيوني من جهة أخرى، قد أدى إلى إلحاق الضعف بالنظام العربي الرسمي الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى توقيع هذه الاتفاقيات. لقد أصبح هذا النظام مجردا من عناصر قوته، حين تخلت أنظمة عربية مركزية، كان لها الحضور الأساسي في مشاريع النهضة والمقاومة عن دورها، وألغت من طرف واحد علاقتها بميثاق الأمن القومي العربي الجماعي، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك.. وكثيرا من الثوابت القومية. وكان الدليل القوي على تراجع النظام العربي، والعودة إلى مفهوم الشرق الأوسط كنظام إقليمي بديل قد بدأ بالبروز، بعد حصار المقاومة الفلسطينية في بيروت عام 1982، حين بقي المقاتلون الفلسطينيون وحدهم في مواجهة العدوان، وحين قرر العرب مجتمعين الوقوف متفرجين أمام أنات الثكالى وصيحات أطفال فلسطين.

 

وكانت الطامة الكبرى قد أخذت مكانها بعد غزو العراق للكويت، حيث انقسمت الخنادق العربية، وانتعشت الصراعات بين القادة، وعادت روح القبيلة وعقلية داحس والغبراء لتعشش من جديد في نسيجنا، بما مكن من حدوث اختراقات واسعة مشبوهة في جسدنا العربي، وحين عجز العرب مجتمعين عن التوصل إلى حل يحفظ العراق والكويت، ويؤكد سيادة مفهوم الأمن القومي العربي الجماعي، فكانت النتجية عدوان أمريكي، ثلاثيني على العراق، انتهى بتدميره، وخلق المقدمات لإحتلاله عام 2003 بمشاركة ومباركة عربية، وهيأ البيئة الملائمة لعودة الحديث عن شرق أوسط جديد، لكن بحضور وقيادة صهيونية هذه المرة.

 

وكانت بداية التسعينيات مقدمة لانهيارات سياسية واقتصادية وثقافية عربية كبيرة.. كما كانت مقدمة لتراجع ثوابت دينية ووطنية وأخلاقية ومقاومات ومصدات شكلت طيلة أكثر من أربعة عقود ضمانة الصمود والاستمرارية للأمة في وجه مشاريع التركيع والتفتيت. ومن رحم حالة الانهيار، بدأت خيوط جديدة في التشكل مشيرة إلى محاولات عاتية وقاسية، لتشكيل نظامي سياسي إقليمي بديل، صورة كاريكاتيرية لنظام لم يكتب له أن يرى النور من قبل.

 

ما هو هذا النظام الشرق الأوسطي الجديد، ما هي مؤشراته وأهم عناصره.. وما معنى مخاض الولادة الجديدة وعلاقة ذلك بالعدوان الصهيوني على لبنان.. أسئلة ملحة سوف تكون محاور مناقشتنا في الحديث القادم بإذن الله.

 

yousifsite2020@gmail.com

 

 

د. يوسف مكي

تاريخ الماده:- 2006-08-23

 

 

2020-06–0 8-:03

علي الكاش من اليونان

الأستا الفاضل د. يوسف مكي المحترم

 

تحية طيبة

أن المعلومات التي جاءت في مقالك الرصين تتطابق وواقع العالم العربي وما يعاني منه من تخبط في السياسات الأقليميةاولدولية أنعكست عليه بشكل اساسي، فمن مفهوم النظام العالمي الموحد الى الحرب الأستبافية والعولمة وأخيراً المفهوم الشرق الأوسطي الجديد، ورغم أختلاف هذه البدع من حيث النطاق والوسائل والأهداف وآلية التحقيق، لكنها تتفق في أمر مؤكد هو أستهداف الوطن العربي وتقسيمه الى دويلات طوائف وأمارات صغيرة وضعيفة،ليست ذات وزن وأهمية دولية؟ وهذا الأمر ليس عصي على الأدراك .

ان الكشف عن الوجه الكالح لهذه المفاهيم وزيف أدعاءاتها لأمر يستحق الأهتمام والتقدير

نبارك جهودك الكبيرة لفضح نهج وأهداف هذه المشاريع الأمبريالية وألقاء الضوء على خططها الرامية لزعزعة الأمن والأستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتفتيتها بما يخدم الولايات المتحدة ومن ورائها الكيان الصهيوني .

 

2020-06–0 8-:03

فؤاد محمد السايس من اليمن السعيد

الدكتور يوسف عبدالله مكي رئيس التحرير (( التجديد العربي)) الموقر

الموضوع: النظام العربي الاقليمي والشرق الاوسط الجديد .. حقيقة لقد جاء الموضوع في وقته وفي ساعته ولربما نستطيع ان نسمي الامر بأنه موضوع الساعة وفي المجمل الامر بحاجة الي المناقشة والخروج بنتيجة تحتم اتخاذ قرارات وخطوات تعيد للامة مجدها المندثر.

 

 

ما يراد من تعرفة الشرق الاوسط الجديد هو في المجمل انه نتاج سياسات الاستعمار البريطاني القديمه عندما وطئت قدماه الارض العربية فقام بتقسيم مناطق النفوذ (( الشرق الاوسط – الشرق الادني وهكذا ..)) من اجل نهب ثروات هذه البلدان والمعروف انه دخل مناطق اخري كالهند عبر (( شركات وهمية مثل شركة الهند الشرقيه)) تحمل علي عاتقها القيام باعمال وادوارمشبوهه واجهتها اقتصادي بحت ومن الباطن عمل استخباراتي يراد منه بسط اليد علي مزيد من الارض وتقوية دعائم سلطته الاستعماريه .

ولقد راينا شروع المحتل والاجراءات التي اتخذها من خلال خطط وتنفيذ مشاريع الاحتلال وان تقسيمات الدول بحسب توزيع التركة لم يكن ليخدم الا اطماع دول الاستعمار, وانشاء الدولة العبريه علي ارض العرب ايضا يأتي تعزيزا لاستلاب مقدرات الامة في ظل ضعف عربي أكيد, جراء سياسات دولة الخلافة التي لم تكن عادلة في تعاملها وبسط نفوذها وتمييزها بين ما هو تركي الاصل (حاكم ومتسلط) وبين ما هو (عربي تابع) لهذه الدولة المترامية الاطراف, التي كانت تنكل برعيتها وتطهدهم دونما أي ذنب يذكر الا من اجل تمديد فترة حكمها وتسلطها علي الشعب العربي الواحد, حتي دام وامتد شيخوختها وبلغ من الكبر عتيه تكالبت عليها دول الاستعمار البريطاني والفرنسي الذي رأي ونستون شرشل في النفط العربي دوام تسلطه وازدهار مملكته, بعد ان سيطر علي النفط الايراني وجعله رهينة لصالح الخزينة البريطانية, لمتد سيطرته علي الخليج العربي ومد نفوذه بإحتلاله العراق ونفط العراق عبر شركات البترول .

فالنفط دوما كان بالنسبة للعرب بمثابة ( النقمة) ولم يكن في أي وقت ( نعمة) . وما يثبت ذلك مجيء هذا الاستعمار الي ارض العرب وسيطرته المطلقة.

ان تقسيم مناطق النفوذ بمسميات عدة منها ما يخص منطقتنا العربية ((الشرق الاوسط )) كما ذكرت يادكتور يوسف في معرض كتابك, الذي سطر فيه تتابع سلسلة من الاحداث توالت علي المنطقة من وعد بلفور 1917, وقيام الدولة العبرية 1948م وانعقاد القمة العربية الاولي في انشاص في مصر , وحلف بغداد والتكتل المناوئ لهذا الحلف ودور الجامعة ونكسة 67 ورد الاعتبار للكيان العربي بحرب 73 والاعتداء الاثم علي لبنان 1982 وخروج منظمة التحرير الفلسطينية وارهاصات اتفاقيات الانكسار كامب ديفيد ووادي عربه واوسلو وحرب الخليج الاولي والثانية والثالثة, وما نحن بصدد الحديث عنه في هذه المرحلة من خطط يراد بها تقسيم المقسم الي اجزاء وتغيير معالم المنطقة لدفن المشروع النهضوي القومي العربي وأفاق تطوره وبلوغه مرحلة النضج والانتاج وهي مراحل تتطلب تضافر الجهود والخروج من ازمة الدوران حولي دوائر فارغه لا تسمن ولا تغني من جوع, والانتظار لما سوف تقدم عليه الدول الكبري وحليفتها الدولة العبرية, علينا وبثبات ان ننهض بهذه الامة وان نغتنم فرصة الخروج من الاستنتاجات والعمل بما يخدم هذه الامة وتطلعات الشعوب المنضويه تحت مظلة الجامعة العربية .

ان الحل لن يأتي الا بوضع الية تتيح تفعيل العمل العربي المشترك والاتفاق علي رفض كل المخططات التي تؤدي في نهاية الامر تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ, علينا رفض كل الحلول المقدمة والتي ربما تأتي بها الانسة ((كوندي)) لان هذه الارض الطاهرة هي ارض عربية بحته وليس للمستعمر شيء يملكه قد تركه لدينا عهدة ويراد استرداده الان, من هذا المنطلق يجب ان تقوم ثورة لا تنطفي ابدا حتي يتم احقاق الحق العربي بالكامل, ان ما قام به حزب الله من انتفاضة بعد ان اعد العدة خير دليل علي ان هذه الامة لديها القدرة علي اتخاذ المبادرة, ولديها القدرة علي رفض مشاريع الاستسلام, بل لديها القدرة علي ان تكون سباقة في طرح تصوراتها.. ولنذهب ابعد من ذلك لديها القدرة علي ان تضع أجندة خاصة بها, وتملي شروطها علي الاخر ولكن اين الارادة .

هذه المنطقة بحاجة الي قيادة قوية قيادة تستطيع ان تقول لا وتترجم الاقوال الي افعال تستطيع ان تحتمي تحت عباءة الشعب العربي وتستقوي به وتقود المقاومة تستطيع ان تقف في وجه العدوان والاستكبار مهما بلغ من قوة وبطش وتدمير لايهم ان تهدم بنيان او تعطلت مشاريع فسوف يأتي العمران من جديد ولكن عندما تكون لنا القدرة علي منع العدو يأخذ اموالنا وينهب ثرواتنا ويتحكم في مصير مسيرتنا ويملي علينا شروطه تعديل (( المناهج الدراسية )) ويطلب من تغيير او التخلي عن عقيدتنا عند هذه النقطة يجب ان تبدأ الممانعة ويبدأ الرفض المطلق لهذه التدخلات وتنطلق شعلة الجهاد عند هذه النقطة يجب ان تبدأ اولي انطلاقة صوب تحرير ارضنا ((فلسطين)) و((العراق)) .

لقد امدنا الله بعون منه وجعلنا خير امة إخرجت للناس وعلينا تحمل الرسالة علي عاتقنا والعمل بها حتي نستطيع نشر تعاليم الدين الحنيف, وهي رسالة سامية ولا يخالجني ادني شك من ان الجميع متفق علي هذا المبدأ ولا يمانع في ان يري عز الامة ونهضتها وتقدمها ينطلقان تحت البيارق الخضر والرايات وهي مرفوعه عاليا خفاقة ترفرف تحمل لواء “الله اكبر”, عند هذه النقطة سوف يتحقق لهذه الامة النصر المبين , وفي هذا السابق المتصل نجد ان النصر قد تحقق لهذه الامة في العاشر من رمضان في شهر الصيام والايمان , عندما رفع جنود الله راية “الله اكبر” وانطلقوا فكان لهم الفتح المبين, الم يكن هذا تحدي كبير يواجهه العدو في مرحلة كانت له ازهي واعلي درجة من الزهو وبلوغ العنجهية والاستكبار نتيجة نكسة 67, فجاء نصر الله والفتح وتحقق لهذه الامة نصرا بكسر عدوها, وفي ساعات معدودة رأينا جنود الله وهم يعبرون البحر الي الوجهة الثانية . وان كان من تخاذل وحماقة وخيانة لارواح ودماء الشهداء الابرار الذين عبروا القناة وفي قلوبهم ايمان كبير بعزة ونصرة الدين وكانت القيادة الخائفة ترجف وتفتح قناة اتصال ليبدأ مشوار التخاذل والانحطاط في اوج ساعات النصر لنري الانهزام بادي في وجهة قيادة التخاذل , لتحرمنا من تجيير النصر العسكري الذي تحقق من استثماره سياسيا وبعد ذلك راينا قائد اكبر دولة عربية يذهب ليقبل ايادي الصهاينة ويتوسل السلام المنقوص السيادة.

ونحن في هذه المرحلة التاريخيه الكبري اري استغلال هذا النصر المتعاظم الذي تحقق علي ارض الواقع, وان يتم دعم صمود جناح حزب الله وتأكيد النصر بنصر اخر, سيما وان الخطط تمضي قدما الان لاستصدار قرار جديد بعد القرار 1701 يمهد نزع سلاح حزب الله سلاح التحرير سلاح لبنان, وفي ذات الوقت نري وزيرة خارجيه الدولة العبرية تذهب الي فرنسا من اجل العون الفرنسي لنزع سلاح حزب الله ونشر قوات اممية ضمن دائرة الحدود اللبنانية السورية, يراد منه عزل لبنان عن محيطه العربي, كيف لنا ان نقبل مثل هذه المخططات التي تحرم تواصل الشعب العربي فيما بينه البين. لبنان الجريح الذي خسر في هذه الحرب خمسة عشر مليار دولار وتهدمت بنيته التحتيه وبالقرار 1559 حرم من دعم وعون ومساندة سوريا يراد الان تمرير مخططات جديدة للاستفراد بهذا الكيان العزيز علي قلوبنا جميعا وبناء جسور الفرانكوفونية الصيهونية لطمس هويته و”اسرلته” بالمطلق.

المشاريع القادمة بطبيعة الحال كبيرة ولا تقتصر علي لبنان لوحده, فهناك مشاريع قادمة تستهدف مصر بعد ان تم تقصير وتقليص دورها وريادتها, فسوف تأتي تباعا مشاريع يتم من خلالها تمرير اهدافهم التأمريه حتي يتفردوا بالساحة العربية, وبذلك يتحقق لهم الحلم الكبير في وأد أي مشروع وحدوي عربي , او التقاء هدف تنموي عربي, وعوضا عن ذلك يتحقق للدولة العبرية مشروعها الشرق الاوسطي الجديد وهو في المقام الاول اقتصادي بحت, تندرج فيه افاق العولمة وشروطها المجحفه وتبعيتها المطلقة, بحيث يتم استغلال كل الموارد العربية لصالح الدولة العبرية وبأبخس الاثمان ان لم يتم نهبه او الاستحواذ عليه بطريقة مباشرة او غير مباشرة, كما نري في هذه الايام مشاريع ومصانع تم بناءها بفضل جهود ابناء ثورة يوليو المجيدة في مصر بيع او خصخصة المصانع الرئيسية يتم علي قدم وساق وبوتيرة عاليه وكان الامر يجب ان يتم وفق جدول تم وضعه في سباق مع الزمن.

الشرق الاوسط الجديد مكوناته الاساسية اقتصادي وثقافي وحضاري – دولة الاستكبار ومن هو علي رأس الهرم يريد وخلال عامين من تنفيذ مخططاته, وتقسيم هذه المناطق بأسرع وقت ممكن حتي لا تتم العودة عن هذا المخطط العدواني من قبل الادارة الجديدة المقبلة في حالة كان لها رأي اخر او مخالف لهذه الادارة, تماما كما حدث عندما جاء بيل كلينتون وكان له راي مغايير لمشروع بوش الاب ( النظام العالمي الجديد) فتعطلت مشاريع ال بوش لمدة ثمانية اعوام .

لذلك تعطيل مشاريع تقسيم المنطقة ومشاريع (الانسة كوندي) يتطلب تضافر الجهود وعدم الدخول في معارك تضامنية لصالح دولة الاستكبار العالمي وهي في المحصلة النهائية لا تخدم اهداف وتطلعات الامة العربية, فقد رأينا كيف تم اشراك هذه الدول في معارك لصالح ولحساب دولة الاستكبار دون ان تطال هذه الامة بفائدة منها او ان حصاد هذا الاشتراك كان بمثابة الخسارة المطلقة للامة العربية, فحرب الخليج الاولي كانت لصالح المستكبر العالمي وتلاها حرب الخليج الثانية وكانت ضد مصالح هذه الامة ووحدتها ومستقبلها, والخسارة الكبري التي تحققت نتيجة احتلال العراق نتيجة الصمت العربي والتخاذل الاعمي الغير مبرر الذي يعد تأمر علي العراق وشعبه الابي وقيادته.

لذلك يتطلب منا وضع تصور معين ترعاه الجامعة العربية ونمضي بتحالف مع القوي العالمية الرافضه للهيمنة والاستعلاء, عملا بمبدأ الثائر العالمي جيفارا حيث يقول ” ليس هناك من حدود لهذا ” الصراع حتى الموت ” ولا نستطيع أن نبقى لا مبالين في وجه ما يحدث في أي جزء من العالم . ان انتصار أي بلد ضد الإمبريالية هو انتصار لنا , تماما كما أن هزيمة أي بلد ضد الإمبريالية هو هزيمة لنا . ان ممارسة التضامن العالمي ليست من واجب البلدان التي تناضل من أجل تحقيق مستقبل أفضل فحسب بل انها ضرورة حتمية أيضا ” . (جيفارا , آندرو سنكلير , ترجمة ماهر كيالي , المؤسسة العربية للدراسات والنشر) .

علينا اذا التحالف مع الصين وروسيا الاتحاديه وكوريا الشمالية, واي دولة اخري نري مصالحنا معها, يتطلب منا بدلا من الارتماء علي أحضان الاحتلال علينا الوقوف في الجهة الثانية” فأرض العرب للعرب” علينا ان نري كيف الثائر الفنزويلي شيغو شافيز يندد باعمال العدو الصيهوني ويقوم بسحب سفيره من لبنان , علينا الاخذ بما جاء علي لسان الرئيس الكوستاريكي اوسكار ارياس ونقله التجديد العربي نقلا عن صحيفة جيروزاليم بوست (( عن الرئيس أوسكار آرياس، إعلانه أمس عزم بلاده إعادة سفارتها بإسرائيل من القدس إلى تل أبيب. وقال حان الوقت لتصحيح الخطأ التاريخي الذي أضر ببلدنا على الساحة الدولية وحال بيننا وبين المحافظة على علاقات ودية مع العالم العربي والثقافة الإسلامية)).

 

علينا منع إهدار الاموال والانتظار بأن الغرب سوف لن يتجرأ علي الاعتداء علينا, فقد رأينا كيف امتص الاحتلال البريطانية ثروات إيران وسخر من ثرواتها النفطية بناء نهضته الصناعية وخروجه من الحرب العالمية الاولي والثانية بأزمة مالية محدوده, لم يكن ليتم ذلك الا بفضل توظيف عوائد النفط الايراني.

مشروع مارشال الذي جعل من اوروبا تتعافي من اثار الحرب .. الم يكن من مال العرب من النفط الوارد من الخليج, لذلك يتطلب منا دعم مصر بالمال العربي وفرملة هرولتها الي أحضان الدولة العبرية وجعل مقومات الممانعة لديها ممكن, علينا تفعيل الدور المصري ففي هذا البلد الخير رجال يؤمنون بأن قدر مصر ان تقف مع العرب ومع المشروع النهضوي القومي العربي, وان لهذا البلد القدرة علي تغيير معالم المنطقة بفضل موقعه الجغرافي , فيما لو نهض وادي دوره العربي القومي بكل امانة وصدق, علينا ان نقف مع مصر حتي تستطيع ان تؤدي دورها العربي بالكامل وبناء وحدتنا العربية وتفعيل دور الجامعة العربية للوقوف في وجه المخططات الصيهونية ومشروع شيمعون بيرز الذي يري (( انهاء دور الجامعة العربية … كونه لا يتحدث العربية كما قال!!! واضاف ” فعليهم ان يأتو الينا لبناء جامعة جديدة شرق اوسطية” ) لتكون لهم مركز القيادة والسيادة .

مثل هذا الامر لن يحدث ابدا … ولطالما كان هؤلاء الابطال رجال المقاومة في كل مكان ينتظرون ان تتاح لهم الفرصة للجهاد والمقاومة.

عاش نضال الامة العربية.. وعاشت فلسطين وعاش العراق الابي وعاش صمود حزب الله وعاش صمود وايمان سيد المقاومة الشيخ حسن نصر الله.

 

بقلم فؤاد محمد السايس

اليمن السعيد كاتب في الصحف المحليه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

4 × خمسة =


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

د.يوسف مكي