المجازر مستمرة… والأهداف أصبحت واضحة

0 233

أكتب هذا الحديث وعناقيد غضب جديدة يرتكبها الكيان الصهيوني في ذات المكان الذي ارتكبت فيه من قبل… قبل عقد من الزمان. خمسة وخمسون شهيدا، غالبيتهم من النساء والأطفال، حصيلة المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قانا، تبثها قنوات التلفزة. وقبلها كانت الصور قد بثت بشكل متتابع على امتداد أيام العدوان، فاضحة التدمير المنهجي الصهيوني لمصافي بيروت ومحطات الكهرباء وثكنات الجيش، والمساجد والمدارس والمستشفيات والأسواق وسيارات الإسعاف وقوافل الشحن المحملة بالمساعدات الإنسانية… وفاضحة أيضا الخنوع والهوان العربيين، اللذين بلغا حد التواطؤ، إما بالتشجيع على الحرب الهمجية أو بالصمت العاجز.

 

وكانت المجزرة الأخيرة هي الهدية التي قدمتها وزيرة الخارجية الأمريكية، السيدة كونداليزا رايس للشعب اللبناني، قبل وصولها بسويعات إلى بيروت، لمناقشة الخطة الصهيونية الأمريكية، في استقدام قوات دولية على الحدود اللبنانية مع “إسرائيل”. وهي التي أشارت بوضوح في عدة مناسبات أن العدوان الصهيوني هو مخاض الولادة للبنان جديد، وأيضا لشرق أوسط جديد.

 

فما هذا اللبنان الجديد؟ وما هذا الشرق الأوسط الجديد؟

 

قلنا في الحديثين السابقين أن هناك أجندة إسرائيلية للتعامل مع لبنان، لا تحكمها ردود الأفعال المحلية، سواء صدرت ردود الأفعال تلك عن المقاومة الوطنية اللبنانية أو المقاومة الفلسطينية أو القيادات العربية الرسمية، ولا علاقة لها البتة بأجندتنا نحن العرب.

 

وقد شهدنا فيما مضى، خلال الحروب مع الكيان الصهيوني، أن لكل عدوان مفردات وتعابير خاصة به، تفضح الإستراتيجيات والنوايا. ولعل الذاكرة لا تزال تحتفظ بمفردات حرب أكتوبر عام 1973. كانت مفرداتها أنها حرب تحرير، وحرب تحريك، وأنها أيضا آخر الحروب العربية مع إسرائيل، وأن 99% من أوراق اللعبة هي بيد الإدارة الأمريكية، وأنه لا بد من إعطاء قوة دفع للتسوية، ولا بد من كسر الحاجز النفسي لكي يتحقق التطبيع والسلام العادل. وفي الغزو الصهيوني للبنان في صيف عام 1982، تمحورت كل المفردات والتعابير حول ترحيل المقاومة الفلسطينية من بيروت، كمقدمة لا بد منها لطرح مشروع الرئيس الأمريكي، ريجون للسلام في الشرق الأوسط، الذي جرى تعديله لاحقا في مؤتمر القمة العربي بمدينة فاس المغربية ليصبح المبادرة العربية الأولى للتسوية مع إسرائيل.

 

فما هي مفردات هذه الهجمة على لبنان، والتي تتلفع بها الأجندة الأمريكية الإسرائيلية؟

 

بين المفردات التي ظهرت خلال الأيام الماضية، اخترنا ثلاث يافطات من الواضح أنها هي الأكثر بروزا ووضوحا حتى الآن. هي على التوالي: تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559، وخطة أولمورت لإنجاز خارطة نهائية لإسرائيل، تشمل حدودا آمنة ومعترف بها دوليا للكيان الصهيوني، وتكون مكتملة بحلول عام 2010، واليافطة الأخيرة أن هذه الحرب هي المقدمة لبروز شرق أوسط جديد.

 

القرار رقم 1559 له علاقة مباشرة باغتيال رئيس الوزراء السابق، السيد رفيق الحريري. وقد صدر بضغط أمريكي على مجلس الأمن. ولم يوجه لحزب الله أي اتهام أو علاقة بحادثة الإغتيال. وتضمن القرار، في جانب منه انسحاب القوات السورية الكامل من لبنان. وهو قرار لم يختلف القادة العرب واللبنانيون عليه، بل كان جزءا من اتفاق الطائف الذي قبل به الجميع. وكانت القيادة السورية تعبر دائما عن استعدادها لتطبيق هذا الإتفاق، مع شرط وحيد هو تزامن انسحاب القوات السورية من لبنان بانسحاب إسرائيلي مماثل من مزارع شبعا اللبنانية. أما الجانب الآخر من القرار، فكان سحب أسلحة الميليشات، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على جميع الأراضي.

 

فيما يتعلق بسحب أسلحة الميليشيات وبسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية، على الصعيد النظري لم يكن هناك خلاف بين مختلف الفرقاء. لكن على الصعيد التطبيقي كانت هناك عدة إشكالات.

 

فبسط الدولة سيطرتها يعنى قدرتها على ملأ الفراغ الذي ينتج عن تجريد المقاومة اللبنانية من أسلحتها، بحيث لا يكون هناك انكشاف سيادي على الحدود مع الكيان الصهيوني. وقد أثبتت التجربة، منذ الستينيات عجز الدولة اللبنانية وجيشها عن مواجهة حالة الإنكشاف مع العدو الصهيونيِ، وحماية الجنوب من العدوان. والثابت أن المقاومة هي التي تصدت للعدوان وتمكنت من تحرير الجنوب. وإذن والحال هذه، فإن تجريد المقاومة من السلاح يخدم عدة أهداف، أولها ضمان استمرار الإنكشاف في الجنوب اللبناني أمام العدو الصهيوني، بما يسهل من تطبيق خطة أولمرت التي سنأتي على ذكر تفاصيلها لاحقا، وحرمان المقاومة الفلسطينية من وجود ظهير قوي لها، وتجريد القيادة السورية من حليف في مواجهة المشاريع الصهيونية.

 

وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى التحليل الذي قدمه مايكل روبين، أحد غلاة الصهاينة في اوساط المحافظين الجدد بأمريكا، وهو خبير في “مؤسسة أمريكان انتربرايز”. لقد كتب روبين تحليلا عن العلاقة بين الحرب على لبنان والحرب على غزة عنوانه الاستئصال أولا قال فيه: ان السلام لا يتحقق بين اطراف متكافئة. السلام من وجهة نظره، يتحقق بين طرف قوي وطرف ضعيف. وضرب مثلا على ذلك بما حدث في الحرب العالمية الثانية. ان الحرب، حسب رأي روبين، ما كان لها ان تنتهي ويأتي السلام لو لم تستخدم أمريكا القوة في حدودها القصوى، اي باستخدامها القنابل النووية ضد اليابان. وقال: ان الدبلوماسية ليس لها مكان الآن في الشرق الاوسط. الدبلوماسية في رأيه ستنجح ويكون لها دور فقط بعد الاستئصال النهائي لحزب الله وحماس معا. اذن، فالحرب في فلسطين ولبنان هي حرب واحدة اهدافها واحدة مخطط لها سلفا في الحسابات الاسرائيلية.

 

وعلى هذا الأساس يمكننا أن نفهم، لماذا تعلن الحكومة الصهيونية أن برنامجها من الحرب لم يستكمل تنفيذه بعد، ولماذا أيضا ترفض الإدارة الأمريكية، على لسان الرئيس الأمريكي، جورج بوش وقف إطلاق النار، ويعلن سفيرها بالأمم المتحدة أنه لا يمكن التوصل إلى إنهاء حالة الحرب مع “إلإرهابيين من حزب الله”.

 

لا بد إذا، من وجهة النظر الإسرائيلية والأمريكية من مواصلة سياسة الترويع والترهيب، حسب تعبير وزير الدفاع الأمريكي، رامسفيلد، حتى يصبح تجريد المقاومة اللبنانية من السلاح، مطلبا لبنانيا وعربيا، كسبيل وحيد لإيقاف القصف الهمجي على لبنان، وإنقاذ أرواح الأبرياء. بالدقة مثلما حدث في صيف عام 1982، حين قام الجيش الإسرائيلي بغزو بيروت وحاصرها لأكثر من ثمانين يوما، عندها ضغطت عناصر من الأحزاب اللبنانية وأنظمة عربية على المقاومة الفلسطينية لكي تغادر لبنان. وكان أن استجاب الرئيس ياسر عرفات لتلك الضغوط، ورحلت المقاومة من بيروت إلى تونس بموجب ترتيبات محلية وعربية ودولية. ثم ما لبثت القوات الإسرائيلية بالتعاون مع عناصر لبنانية يمينية متطرفة أن ارتدت إلى المدنيين الفلسطينيين، في مخيمي صبرا وشاتيلا لتعيث فيهم قتلا وتدميرا.

 

سيستمر التدمير المنهجي الصهيوني، مدعوما بموقف أمريكي منحاز، وبعجز عربي فاضح. فهذه “الفوضى الخلاقة” هي كما عبرت عنها رايس مخاض الولادة لشرق أوسط جديد، يغيب فيه النظام العربي الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والذي عبر عنه وجود جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، وميثاق الأمن القومي العربي الجماعي، واتفاقيات أمنية واقتصادية، وتكون الكلمة الفصل الأولى والأخيرة، للكيان الصهيوني، في النظام الجديد العصا الغليظة في المنطقة للإدارة الأمريكية.

 

تلك هي حسابات قوى العدوان، وهي حسابات يغيب فيها تقدير قوة الرفض والممانعة للمشاريع الإستعمارية، وهي في غمرة طغيانها وجبروتها، تتناسى أنها غارقة بمستنقعات أخرى، لم تتمكن بعد من حسم معركتها فيها: بالعراق وأفغانستان، ليصدق عليها، وتشاؤون.. وتشاء الأقدار…

 

ما هي علاقة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 بخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي، أولمرت لإعلان الخارطة النهائية للكيان الصهيوني عام 2010؟، وما علاقة ذلك أيضا بالإستراتيجية الأمريكية الكونية المتمثلة في شرق أوسط جديد؟، سؤالين هامين سيكونان محور مناقشتنا في الحديث القادم بإذن الله.

 

cdabcd

 

editor@arabreneweal.com

 

 

د. يوسف مكي

تاريخ الماده:- 2006-08-02

 

 

2020-06–0 8-:03

علي الكاش من اليونان

نعم أستاذ يوسف نشاطرك الهم والعبرة وحرقة الفؤاد عن سبي العباد من قبل الأوغاد الصهاينة والأمريكان الذين لا يتورعون عن إرتكاب أبشع الجرائم التي يرتعد لذكرها ليس الأنسان العادي وإنما حتى المجرمين أنفسهم، وفي الوقت الذي يتباكى فيه هؤلاء الأوغاء بذكرى الهولوكوست ويحتفلون بها سنوياً و يزعمون أنهم عانوا الأبادة الجماعية أبان الحرب العالمية الثانية، فأنهم لا يتورعون عن أرتكاب هولوكوست يومي في لبنان وفلسطين والعراق، في الوقت الذي يغفو فيه الضمير العربي والعالمي غفوة غريبة عن تأريخه الزاخر بالمواقف البطولية ..

أنهم يسرقون إبتسامة الأطفال في لبنان وفلسطين والعراقون، ويرسمون لوحةدموية في تأريخ الأمة العربية مستخدمين السكاكين بدلاً عن الفرشاة!! لا أفهم دكتور يوسف كيف يتعامل العالم معنا كعرب ومسلمين ؟ وبأي معايير شيطانية يقيسون الأفعال الأجرامية ويفصلونها، ففي الوقت الذي أمتلأ العالم بضجيجهم بعد اسر جنديين هجينيين من شرذمة الجيش الأسرائيلي، فأن اشلاء أطفال قانا الجديدة المبعثرة لم تثير حواسهم الميتة و لا مشاعرهم العفنة ولم توقظ ضميرهم المأزوم..

وكما تفضلت الى أن يسير المشروع الأمريكي الصهيوني لمنطقة الشرق الأوسط ؟ وعن ماذا سيتمخض ؟ ولاسيما ان الوقت المتبقي ليس أكثر من ثلاث سنوات لتتضح معالمه الجديدة؟ وهل يا ترى حكامنا على دراية بالأخطار المحدقة باوطانهم وشعوبهم وهل سنرجع الى تأريخ دويلات الطوائف ؟

وهل سنيقى مكتوفي الأيدي أمام ما يدبر لنا، أم سنقف على الأطلال باكين حظنا العاثر ..

ننتظر بشغف كبير مناقشتك للمحورين القادمين

وكان الله في عونك وعون كل الشرفاء والوطنيين .

 

2020-06–0 8-:04

ندى من

دكتور يوسف بالله عليك

هل اصبحت الأهداف واضحة حقا ؟؟؟

ألم تكن واضحة ؟؟

هل نبكي

أم الضحك أفضل

 

للأخ على من اليونان أقول لن نقف مكتوفي الأيدى بدليل أننا نحارب ؟؟ألا تسمع بأفراحنا ؟؟

قانا 1

قانا 2

ومازال الطبل بانتظار قانات وقانات

 

2020-06–0 8-:05

علي الكاش من اليونان

أستاذ يوسف مكي المحترم

لا شك أن كشف النقاب عما يمكن أن يغيب على البال أو ربما يندثر تحت تراكم الأحداث وومضاتها الموجعة بتقدم السنون وتعاقب العواصف السياسية هي احدى المهام التي يجب أن تضطلع بها النخبة في المجتمع متمثلة بالقوى الوطنية الرائدة والمثقفين والمؤثرين في الرأي العام من أحزاب ومنظمات وتجمعات إضافة الى وسائل الأعلام المختلفة.. أن تجربتك الرائدة في أستكشاف مثل هذه الآفاق وسبر أغوار المؤامرات الدولية التي تحاك ضد هذه الأمة في العراق وفلسطين ولبنان وربما سوريا لاحقاً ضمن خطة الشرق أوسطية هي تجربة تستحق الوقوف عندها والتعمق بدراستها فأن أمتنا العربية تشكو من مخاضات مؤلمة ربما تلد وطن مسخ على انقاض الوطن العربي الذي يسير الى الهاوية بسبب الأفتقار الى التحليل العميق والبعد الأستراتيجي، وعدم تصور الفعل في أطره ومراميه خارج حدود المرصود والمتوقع

أننا أستاذ مكي بحاجة ماسة الى من يبتكر من مقادريه وقدراته حلولاً وأفكاراً للأزمات والتحديات المترقبة بنامن كل الجوانب منتظرة الفرصة السانحة للأنقاض على فريستهاالسهلة والضعيفة .. جهود مباركة وفي إنتظار المزيد من المقالات ..

أما الأخت العزيزة ندى من .. ولا أعرف لماذا تبخل علينا ببلدها .. ولكنه مهما كان فهو أكيد يشكل احد أعضاء الجسم العربي الواهن

أقول لها نعم سيدتي أنك تذكريني بقول الشاعر ابن زريق البغدادي ” لا تلوميه فأن العذل يوجعه ..فقد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه ” أكيد أن الموضوع ليس جديد و لايحتاج الى نظارة إلا لمن يشكو قصر النظر.. ولكن كما تعلمين ان التكتيك هو المتغير ولكن الأستراتيجية ثابتة وهي شرذمة الوطن العربي وخلق دول الطوائف الواهنة وتدمير البنى الحضارية والثقافية وجعل الشعوب اسيرة حكامها العملاء ونهب موارد الأمة والعبث بمقدراتها وخلق تابع ذليل لأمريكا وخادم مطيع لأسرائيل . .. .. لننتظر معاً ما سيجود به الدكتور يوسف وسيكون للكلام بقية

أبارك فيك هذه الحماسة والأندفاع والألم والحسرة عن واقعنا المزري فالمحطة بين قانة الأولى والثانية ليست بعيدة والقطار يمضي بسرعة ناهباً الأرض مملأ السماء عويلاً زز كأنه يدرك ما سيؤول اليه حالنا ..متوجهاً الى محطات قادمة قد تكون أشد من قانا وأعنف بكثير ربما سنتحسر فيها على قانا الثانية بعد أن نعيش قانا الثالثة .. والله أعلم

 

2020-06–0 8-:06

ندى من سورية

دكتور يوسف تتكلم بعقلانية ووعي كعادتك وتحلل وتبرز كل النقاط التى تخفى على الكثيرين ونحن ننتظر مقالك وكلماتك لانها قد تروى عطشنا لكنها في نفس الوقت تقتلنا حسرة

الأخ علي

تسألنى من أين أنا وتعيدنى بالذاكرة الى كتاب عن الوحدة العربيةكان قد أهداه لى أحد المفكرين وكنت تعلمت من خلاله انى ضمن جزء من كل هو الجرح العربي

الكتاب تاه لكن بقيت الكلمات حية في داخلى

كم اتمنى ان اجده لارسله لك

 

 

تحية لك ولكل عربي مخلص

 

2000-00–0 0-:00

عبد الغني الجميل من لبنان

احب اقول تعقيب القرار 1559هو قرار اصدر في اتفاق الطائف الذي اجمع عليه جميع اللبنانيين و بما فيهم الشيعة الممثلين آنذاك بالسيد نبيه بري واصبح هذا الفرار نص من نصوص الدستور و هو غايته ان لا يكون هناك سيادة الا سيادة الدولة ويكون جميع الأسلحة في الأراضي اللبنانية مرتبطة بالدولة

و عذرا ان مسؤولية الدولة حماية الأراضي اللبنانية و ليس حزب الله و هذا ما نص الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ثلاثة × ثلاثة =


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

د.يوسف مكي