العدوان الإسرائيلي على لبنان والدروس المستفادة
عند كتابة هذا الحديث يكون قد مر على بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان ستة أيام، يبدو أنه مرشح للإستمرارية والمزيد من التصعيد، ما لم يواجه بموقف عربي جماعي يضع قدرات الأمة وطاقاتها من أجل حماية لبنان، وإيقاف التدمير الإسرائيلي المنهجي لبنيته التحتية.
ولعل أول درس نستخلصه من هذا العدوان، أن غياب الإستراتيجية العربية الواحدة والفاعلة للتصدي للمشاريع الصهيونية والإستعمارية ينتج عنه ضعف الأمة وتداع لعوامل قوتها. ولا شك أن غياب الإستراتيجية الواحدة هو حاصل واقع التجزئة، وأيضا حاصل غياب الرؤية الواقعية والموضوعية للمشروع الصهيوني. فهذا المشروع، كما أعدنا مرارا وتكرارا هو مشروع حرب، قام منذ بدايته على قاعدة الإغتصاب للأرض وتشريد السكان وإضعاف مقاومات الأمة. وكان سر قوة هذا المشروع العداوني دائما أنه يتقدم بجسارة نحو أهدافه، في حين يتراجع مشروع النهوض العربي، وقد اتخذ هذا التراجع شكلا دراماتيكيا منذ بدأ ركضنا اللاهث، كل على حدة، لإيجاد حل يضمن لنا ما اعتقدنا أنه الأمن والسلام، بحسبان تجنب مخاطر التصادم المباشر غير المتكافيء مع مشروع العدوان.
غاب عنا أن المشروع الصهيوني هو بالأساس مشروع حرب، وأنه بغض النظر عن مواقفنا وعن سلوكنا تجاهه يحث الخطى دون تردد نحو نهجه التوسعي والعدواني، وأن ما يقرر إيقاع حركته في تطبيق مشروعه هو أجندته الخاصة، وليست أجندتنا.. ولا ضير من الإعتراف بأننا أصلا، حكومات وشعوب لا نملك أجندة خاصة بنا ليس فقط فيما يتعلق بقضية المواجهة مع الكيان الصهيوني، بل حتى فيما يتعلق بمشروع بناء حاضرنا ومستقبلنا، ومحاولتنا الخروج من عنق الزجاجة.
فيما يتعلق بقضية الأسيرين الإسرائيليين في لبنان، اللذين اعتبرتهما إسرائيل ذريعة للعدوان على هذا البلد الشقيق، سبق للمقاومة اللبنانية أن أسرت جنودا إسرائيليين، ولم تكن ردة الفعل مشابهة، وكانت هناك، فيما سبق، فسحة لتدخلات محلية وإقليمية ودولية لفك التشابك.
هذا العدوان إذن ينبغي وضعه في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية للمرحلة القادمة. وفي هذا الإتجاه يمكن أن نشير إلى تصريح رئيس وزراء العدو الصهيوني، اولمرت عن نية حكومته وضع خارطة تشمل الحدود النهائية لدولة “إسرائيل”، ضمن حدود آمنة وضمانات دولية. كما يمكن الإشارة إلى القرار رقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي ببسط سيادة الدولة اللبنانية على جميع الأراضي وتفكيك الميليشيات اللبنانية ونزع أسلحتها. وهو قرار لم يكتمل تنفيذه بعد، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى عدم قدرة الدولة عسكريا وموضوعيا على بسط سيطرتها، وأيضا بسبب عدم قدرتها على مواجهة التصدي بمفردها للإعتداءات الصهيونية على الأراضي اللبنانية.
قضية الحديث عن تدخلات إقليمية، هي أمر واقعي لا يمكن نكرانه، وكانت هذه التدخلات حاضرة باستمرار، لكن الصحيح أيضا أن وجود ثقل إقليمي داخل لبنان، هو ناتج ضعف السلطة المركزية وعدم قدرتها على قيادة مسيرة الدولة والمجتمع، وبالتالي فإن معالجة هذا الأمر هو رهن بقوة البنيان السياسي والإجتماعي للدولة، وهو بنيان شاء له المحتلون الفرنسيون، عندما قرروا الخروج من لبنان أن يكون هشا وضعيفا، حين قسموا السلطة على أسس من المحاصصات الدينية والمذهبية، كما يريد الأمريكيون للعراق الآن، وقد أوقعت تلك المحاصصات البلاد في حروب أهلية كارثية متكررة، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات… ولا زالت ندوبها تحفر عميقا عميقا في المكون النفسي للشعب اللبناني. وكانت هناك دائما عناصر مغرضة تضطلع بتغذية هذا المكون كلما بدا أنه يتعرض للإضمحلال.
كانت نقطة الضعف الأخرى في الهيكل اللبناني، أنه غيب فيه مفهوم التنمية، وزيادة الإنتاج واستثمار متواز ومتكافيء لمختلف عناصر القوة في بيئته الجغرافية، واكتفي بتحويله إلى بلد سياحي، ومركز للمصارف المالية. وكلاهما غير قابل للصمود عند حدوث أي أزمة.. وكلاهما أيضا معرض للهروب. هكذا رأينا كيف أوصدت الرساميل الأجنبية أموالها عن لبنان أثناء الحرب الأهلية، وكيف امتنع السياح عن ارتياد هذا البلد الجميل. وهكذا رأينا أيضا كيف هرب السياح العرب بجلدهم عبر الحدود، في اليوم الأول لهذا العدوان بما يعنيه ذلك من انهيار اقتصادي. وقد قدرت خسائر لبنان، حتى هذه اللحظة جراء العدوان بـ 4 مليار دولار.
إذن الكيان السياسي الهزيل والهش هو الذي أدى إلى ضعف مقاومة الوطن اللبناني لأي أزمة، على الأصعدة، الإقتصادية والسياسية والعسكرية. ولعل ذلك هو ما يفسر السقوط المتسارع للحكومات اللبنانية، عند حدوث الأزمات وحلول أخرى، ما تلبث هي الأخرى أن تترك مكانها لحكومة بديلة. وهو ما يوضح لنا كيف عجزت الحكومات اللبنانية المختلفة عن تحرير الجنوب، فتصدى للمهمة أبناء الجنوب أنفسهم، وأوجدوا لهم أطرهم الخاصة التي اضطلعت بالمقاومة، بقيادة حزب الله.
الدرس الآخر المستفاد من هذه الحرب، هو ازدواجية المعايير لدى قسم كبير منا، فيما يتعلق بالنظر إلى الإحتلالات للأرض العربية. فرغم أن هناك عدوان واحتلال إسرائيلي لفلسطين وآخر أمريكي للعراق، وهناك أراض عربية وجزر محتلة عند أطراف الأمة في كل الإتجاهات، فإن الكثير منا يميز بين احتلال وآخر، ولا يمانع في التعاطي والتعامل وتأييد نتائج احتلال ما، وما نتج عنه من عمليات سياسية، في حين يكون له موقف آخر مناويء وغاضب تجاه الإحتلال الآخر. ورغم الإقرار بقدسية النضال والمقاومة ضد الكيان الصهيوني، سواء كان ذلك على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية، فإن التمييز بين الإحتلال الصهيوني لفلسطين ولبنان، والإحتلال الأمريكي للعراق، الذي جاء حاملا معه ليس فقط نزعات توراتية بل أيضا، عناصر من الموساد اخترقت مختلف مدن العراق، وتحالفت مع بعض العناصر المؤثرة في النسيج العراقي قد أضر كثيرا بوحدة الموقف القومي، ومكن قوى العدوان من الإنفراد بكل بلد عربي على حدة.
ينبغي أن لا نكون رهائن في معتقلات التاريخ، وأن لا تسود النظرة الضيقة بيننا، وأن تتظافر الجهود جميعا لمواجهة العدوان. ليس مقبولا أبدا الوقوف متفرجين بينما يتعرض شعبنا في لبنان لتدمير منهجي وواسع، يشمل هدم البيوت وقتل المدنيين وسحق البنية التحتية. وهو عدوان لا يميز بين أحد. وهو في عدوانه على لبنان لا يميز بين مدني أو عسكري أو مقاوم وإنما يستهدف لبنان بأسره، وشعب لبنان بجميع مكوناته. وهو بذلك يستخدم سياسة الترهيب والترويع. ولو كان الأمر غير ذلك، فما علاقة مطار بيروت الدولي بخطف الجنديين الاسرائيليين؟ وما علاقة مواقع الجيش اللبناني وراداراته، وهو واقف على الحياد في الصراع حتى هذه اللحظة؟ وما علاقة محطات الكهرباء ومصافي النفط في لبنان بالصراع بين المقاومة والكيان الصهيوني.
ليس ما يجري الآن على أرض لبنان إلا استعراض للعنجهية ولغطرسة القوة، يقابل بتحريض دولي، جسده وعبر عنه بيان الدول الصناعية الثمان الذي لم يحمل الكيان الصهيوني أي مسؤولية، بل حمل نبرة التحريض والدفع على المواصلة في ممارسة نهج العدوان، في ظل هيمنة أمريكية مطلقة على صناعة القرار في مجلس الأمن، من خلال ممارستها للضغوط على بقية أعضائه، وأيضا من خلال استخدامها المفرط لحق النقض عندما يتعلق الأمر بإدانة إسرائيل، يقابل ذلك عجز عربي فاضح عن اتخاذ أي موقف حاسم في مواجهة العدوان.
ولعل هذه هي اللحظة الحاسمة بالنسبة للعرب جميعا أن يقرروا ما إذا كانت مواقفهم ستظل دوما مرتهنة بقانون الفعل ورد الفعل، أم أنها سوف تكون مبنية على حسابات واستراتيجيات عملية، تعتمد مواجهة حالة التداعي التي يمر بها الواقع العربي بأسره، وبضمنها مواجهة حالة الإستلاب الداخلي والقهر، وعدم الخضوع للإبتزاز الدولي، واستخدام ما لدينا من عناصر قوة لمواجهة العدوان.
مطلوب في هذه اللحظة استنهاض طاقات الأمة وقدراتها جميعا للوقوف في وجه العدوان. وليس هناك محل لتخاذل حين يسيل الدم العربي غزيرا، وحين تنحر آلة الحرب الإستعمارية أهلنا في فلسطين ولبنان والعراق… لا مفر من وحدة العمل المقاوم في مختلف خنادق المقاومة العربية، ولا مفر من موقف عربي رسمي وشعبي لاستعادة حالة التوازن ومواجهة عوامل التداعي والإنهيار والتخاذل التي تسود الواقع العربي.. لا بديل أمام تحدي القوى الغاشمة في تل أبيت وواشنطون عن الفعل الإرادي العربي الجماعي والإرتقاء بمفهوم التضامن والتصدي بقوة لمواجهة العدوان.
cdabcd
yousifsite2020@gmail.com
د. يوسف مكي
تاريخ الماده:- 2006-07-19
2020-06–0 7-:03
ندى من
لمن توجه الكلام
انتهينا وانتهى أجلنا ونحن لانستحق الحياة
يجب أن نباد حتى نحيا
ومع هذه المواقف الخائفة والمترددة سنبقى جثثا متعفنة لاتلقى حتى من يوارى سوأتها
الشعوب لاتموت
والخوف لايجدى
وأطول طريق الى تل أبيب خطوة
فأين من يسمع
الكرامة تستصرخنا
أستاذى دائما تطمح الى المثالية وهنيئا لنا فكر أنت منبر حر له
وياأسفاه يابيروت
انى لأبكيك وأحن اليك كل لحظة
2020-06–0 7-:03
علي الكاش من اليونان
الدكتور يوسف مكي المحترم
تحية عطرة
أحيي فيك هذه الشهامة والكرامة الوطنية وأتعاطف مع السيدة منى التي عبرت عن حالة من الأنكسار النفسي في تعليقها على مقالك الرصين، إنها عبرت عما يجول في بالها من إختلاجات معبرة يفوح منها عبق الكبرياء العربية ألأصيلة والكرامة الوطنية والقومية ..من المؤسف حقاً ان يمرغلها حكامنا في التراب، ويجعلونا أضحوكة للعالمين من خلال خطاباتهم غير الحماسية ومنعهم للتظاهرات الشعبية المناهضة للعدوان الاسرائيلي الغاشم على لبنان وفلسطين، ان المشاهد السياسي للواقع العربي الأليم يخرج بالأستنتاجات التي تكرمت علينا بها وهي حقائق على الأرض، لا يمكن ان ينكرها احد، وصدقني أستاذ يوسف ان نظرية الفعل وردّ الفعل التي تفضلت بها أمست نظرية لا تنطبق على السياسة العربية ونكساتها المتكررة، فمن المعروف في علم الفيزياء ان لكل فعل ردّ فعل يساويه في القوة ويعاكسه في الأتجاه، فالفعل الأسرائيلي تمخض عن تدمير عدد من الأحياء السكنية والقرى اللبنانية على رؤوس أبناءها وتدمير البنى التحتية من مطارات ومؤسسات لبنانية وترحيل أكثر من مليون لبناني تحولوا بفعل العدوان الى لاجئين في بلدهم يسكنون الخيم كالبدو الرحل، ونفس الأمر فيما يتعلق بغزة والضفة في فلسطين، فما كانت ردة الفعل العربية ؟ إجتماع طاريء لوزراء الخارجية العرب دخلوا الى قاعة الأجتماع وخرجوا منها دون ان نفهم محصلة نتائج الأجتماع، سكنوا في فنادق الخمسة نجوم وأشبعوا كروشهم ورحلوا كما جاءوا ؟ والعدوان مستمر وبشكل أكثر عنفاً ودموية ؟؟
ودول اخرى بدلاً من ان يستذكر حكامها العدوان الأسرائيلي من حرب عام 1948 ولحد اللحظة، قاموا بلوم حماس واعتبروا خطوتها مجازفة غير مضمونة وتوقيت ليس في محله، بل طالب آخرين بأخذ الأذن منهم قبل شروع حماس بالرد ؟ ولا أعرف على اي منطق يستندون في دعواهم هذه ؟ واين هم من ممارسات العدوان الأسرائيلي اليومي ؟ وهل طالب الحق يلزم بأخذ موافقة الغير لأسترجاع حقه ؟ وهل هذا الوقت هو المناسب و الملائم للوم والعتاب ؟ في الوقت الذي تستمر قوافل الشهداء من الشعبين اللبناني والفلسطيني، ويستمر مسلسل الدمار للمدن والقرى والبنى التحتية ؟
اليأس الذي إنتاب السيدة منى ينتاب الملايين من أبناء الشعب العربي وهم ينظرون بسخرية الى مواقف حكامهم وتزلفهم للسيد الأمريكي، على حساب الدم العربي، والشارع العربي يئن من وطأة العدوان، وتغلي الضمائر الحية لرفض سياسة حكامهم، مطالبة بايحرك لنجدة الأشقاء أو على أقل تقدير دعمهم المادي أو المعنوي او اللوجستي ؟ ولكن مع الأسف لا مجيب ؟
يقف حكامنا متفرجون على مسرحية العدوان، دون ان يتعاطفوا مع الضحايا أو يستمعوا الى أنين النساء والأطفال والشيوخ، لم تؤثر فيهم المشاهد الدموية ولا المدن التي تحولت الى أطلال ؟ هل سيرخى السدال على الأحداث دون ردّ فعل ؟ ويذهب المتفرجون الى مضاجعهم دون أن تدوي في أذانهم أصوات الثكلى والجرحى ؟ ودون أن تبارح مخيلتهم صور الموت والدمار يا للهول يا للهول أين منا الأمم والشعوب ؟ وماذا سيكتب التأريخ عنا ؟ ياللعار يا للعار !!
مع كل هذا نضم بقوة صوتنا الى صوتك لأستنهاض الطاقات والهمم فالعدوان مستمر والحاجة الى مواقف عربية داعمة للشعبين اللبناني والفلسطيني لا تزال مطلوبة، والضمير العربي لا بد ان يرفع الصدأ المتراكم عليه، ويسترد لونه البراق ولمعانه الوطني والقومي ..
بوركت د. يوسف وبورك قلمك ..
2020-06–0 7-:01
نادي الصقر الدولي لهواة المراسلة والتعارف من الجماهيرية الليبية
في ذكرى ثورة 23 يوليو
لأكثر من سبب لا تزال ثورة 23 يوليو التي نحتفل بمرور اربعة وخمسين عاما على قيامها باقية في عقل ووجدان العرب جميعا ، فالثورة التي ارتبطت بحركات التحرير الوطني في أكثر من بقعة عربية عانت ظلم الاستعمار، هي ذاتها التي انتصرت لهؤلاء العرب .
فالزعيم الراحل الذي قاد الثورة وخاض معاركها العديدة ليس مجرد زعيم رحل فانتهت الثورة برحيله.. فالثورة لا تزال ماثلة في صراعنا الأبدي مع العدو الإسرائيلي، وتبنت جماهير الأمة العربية شعارات الثورة وكلمات عبد الناصر التي تتمسك بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
ومازالت المعالم الرئيسية لثورة 23 يوليو باقية و راسخة في السياسة العربية ، فعبدالناصر الذي أولى أمته العربية اهتماما خاصة وأرسى مفاهيم القومية والوحدة العربية حظي بحب الجماهير في كل الأقطار العربية .
فعلى المستوى العربي مازالت سياسات عبدالناصر والمعاني التي ارتبطت بالثورة مثل العزة والكرامة والإحساس بالكيان العربي الواحد والشموخ العربي في مواجهة كل القوى التي أرادت الانقضاض على الأمة العربية باقية في أذهان كل العرب، خاصة وان هذه القوى تحاول الآن الانفراد بالأمة العربية وتحاول السيطرة بأشكال مختلفة.
فكانت ليلة الثالث والعشرون من يوليو(ناصر) سنة اثنان وخمسين وتسعمائة و ألف انطلاق الضابط الأحرار ليعلنوا للشعب انتهاء فترة الاستعباد وبداية لعصر جديد مشرق في تاريخ مصر والعرب بل ودول العالم الثالث وانتصرت إرادة الشعب الذي التف حول قائد الثورة لنبذ الظلم وليؤكدوا للشعوب العربية من الخليج إلى المحيط إن قوتهم في توحدهم ليجمعوا الهمم نحو استعادة الحرية وتحقيق الوحدة العربية الشاملة من المحيط إلى الخليج .
فمنذ انبلاج ثورة الثالث والعشرين من يوليو أولت هذه الثورة اهتماماً خاصاً بالوحدة العربية مستلهمة من التاريخ العبرة والدرس المستفاد ومستقرئة للحاضر ومتنبئة بالمستقبل.
فقد أدركت الثورة حقيقة زرع الكيان الصهيوني العنصري في قلب الأمة العربية و أدركت أيضا أن المستعمرين الذين انتصروا على الأمة العربية بسياسة ” فرق تسد” وبث الفتن و إزكاء روح الطائفية في بعض الأقطار العربية ولن يتوانوا عن معاودة أساليبهم الدنيئة في إي وقت لتحقيق أغراضهم الاستعمارية .
وقد أكدت ثورة يوليو صدق شعاراتها الوحدوية عندما وقفت بجانب أشقائها العرب في فلسطين حيث كانت اغلب الحروب التي قادتها الثورة في سبيل تحرير الأرض الفلسطينية من الكيان الصهيوني العنصري المزروع و كما كان لها دور كبير في دعم ثورة الجزائر حيث ساندت ثوار الجزائر و أمدتهم بالسلاح ودعمت مطالبهم بالاستقلال في المحافل الدولية ، كما إنها ساعدت ثوار اليمن ضد حكم الإمامة الظالم المستبد الذي ملئ اليمن ظلما وجوراً .
تلك بعض مواقف ثورة 23 يوليو الشجاعة تجاه قضايا التحرر العربية .. وكل الموطنون العرب يعون مواقف تلك الثورة في اتجاهاتها نحو وحدة أبناء الأمة العربية.
هذه الوحدة التي تعتبر عودة إلى الأصل بعد الشتات وقد جسدت ثورة يوليو تلك العودة إلى الأصل في صورة الوحدة بين القطرين “المصري والسوري” وقامت دولة الوحدة “الجمهورية العربية المتحدة ” يوم 22 النوار من عام 1958ف .
إننا نحي ذكري ثورة 23 يوليو وامتنا العربية والشعوب الإسلامية تمر بأشد الحالات تأزم واختناق حتى بات وجودها برمته في خطر بعد تحولت الأمة من أمة تابعة الي آمة محتلة وتراجعت مطالبها من الوحدة الي الاستقلال وإنهاء الاحتلال .. فحدث ما كنا نخافه ونخشاه وحذرنا منه عبد الناصر ونبنها إليه مرارا وتكراراً عودة الاحتلال العسكري وضرب الوجود العربي والقضاء عليه .
وكانت هذه وقفة تمجيد لثورة يوليو في ذكراها (54)