الانسحاب من غزة: خطوة نحو التحرير أم تفريط بحق العودة
قبل عدة أشهر أعلنت حكومة الليكود الإسرائيلية، بزعامة أرييل شارون عن عزمها الانسحاب من طرف واحد، من قطاع غزة. ومنذ ذلك الحين بدى أن السلطة الفلسطينية، بالتعاون مع الإدارة الأمريكية وبعض الحكومات العربية، قد قامت بالتنسيق مع الإسرائيليين حول هذاالموضوع. وفي هذا الإطار، أعلنت هدنة شاملة، وافقت عليها معظم منظمات المقاومة الفلسطينية، تحت ذريعة عدم إعطاء الصهاينة أي مبرر للعدول عن قرار الانسحاب. وقد تعهدت كتائب الأقصى (التابعة لحركة فتح) وحركتا حماس والجهاد وبقية منظمات المقاومة الفلسطينية بالتوقف عن شن عمليات مسلحة ضد الصهاينة، امتثالا لأوامر السلطة الفلسطينية، واستجابة لضغوط خارجية وعربية.
في مساء 14 آب/ أغسطس الموافق يوم الأحد من هذا الأسبوع دخلت عملية الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة مرحلة التنفيذ، حيث قام آلاف من الضباط الإسرائيليين بالتحرك لإخطار سكان المستوطنات البالغ عددها 24 مستوطنة، في غزة وحدها، بضرورة إخلاء مساكنهم قبل منتصف ليلة اليوم التالي، الاثنين.
ومن المفترض أن تتسلم السلطة الفلسطينية كامل إدارة هذا القطاع، وأن يصبح القطاع منطقة محررة من الصهاينة. لكن مهرجان الفرح هذا لم يكن خاليا من الظنون والشكوك.
فالإسرائيليون لم يعلنوا حتى الآن صراحة، تخليهم عن القطاع، ولم يتعهدوا بعدم معاودتهم لاجتياحه، عند انطلاق أية رصاصة أيا كان مصدرها، توجه لهم. كما أن الموقف الإسرائيلي من هيمنة السلطة على المياه الإقليمية لغزة هو الآخر لا يزال غامضاً. وليس معروفا حتى هذه اللحظة ما إذا كان الانسحاب الإسرائيلي يعني سيطرة السلطة الفلسطينية على ميناء غزة، ومطارها الجوي والمعابر الإستراتيجية المؤدية للقطاع.
والواقع أن جملة من التصريحات الصادرة عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية، وعن مخولين في الإدارة الأمريكية، وأيضا لمسؤولين في وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، حول التخلي عن حق اللاجئين تضع علامات استفهام كبيرة حول هذا الانسحاب. فعلى سبيل المثال، صدرت تصريحات عديدة من مسؤولين في السلطة تشجع البلدان العربية على توطين أو تجنيس الفلسطينيين المقيمين بأراضيهم.
ومن جهة أخرى قالت المفوضة العامة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، كارين أبو زيد في أول تصريح لها حول حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم الأصلية، في مقابلة لها نشرت على الموقع الإلكتروني لصحيفة معاريف الإسرائيلية، إن معظم اللاجئين غير مهتمين بالعودة، وإنهم يعلنون اهتمامهم بهذا الحق، لكنهم لا يتمسكون بممارسته، وإن كبار السن منهم، هم وحدهم من يرددون ذلك من باب الأحلام، أو كنوع من الذكريات, وإن المواقف التي تعلن تمسك اللاجئين بحق العودة، ترفضها أغلبية اللاجئين، ومنظمة التحرير والقيادة الفلسطينية. ورغم أن هذا التصريح ليس فقط خطأ بحق اللاجئين، بل يشكل أساءَة أيضاً إلى المنصب الذي تتولاه كمفوض عام للوكالة، وإلى المسؤولية التي يلزمها بها هذا المنصب، من رعاية شؤون اللاجئين، والحفاظ على حقوقهم والدفاع عنها، وتضعها في موضع التعارض مع موقف الأمم المتحدة والشرعية الدولية, التي أنشأت هذه الوكالة لرعاية شؤون اللاجئين، وتحسين أوضاعهم، حتى تتمكن الأمم المتحدة من إعادتهم لديارهم، وفق قرار جمعيتها العامة رقم 194 الذي صدر في 11/12/1948، فإن أحدا من المسؤولين الفلسطينيين أو العرب لم يستنكر أو يعترض على هذه التصريحات.
وتعزز المواقف المستجدة لبعض الحكومات العربية، ومن ضمنها التغيير في قوانين العمل ومنح الجنسية، من هذه الشكوك، وتضع ظلالا كثيفة حول موضوع الانسحاب الإسرائيلي من غزة، من طرف واحد، منبهة إلى احتمال أن هذا الانسحاب كان مخططا له ومتفقا على آلياته بين أطراف عديدة. وأنه أيضا شمل مقايضات تتخلى بموجبها السلطة الفلسطينية عن حق العودة، وعن التمسك بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة، وتقوم الحكومات العربية بدورها في تسهيل تنفيذ هذا التنازل، من خلال قبولها بتوطين الفلسطينيين والسماح لهم بالعمل في وظائف كانت محرمة عليهم حتى الوقت القريب.
إن تلازم موضوع الانسحاب الإسرائيلي بهذه الشكوك، وكثافة الظلال التي تحيط به، يجعل من الملح تناوله بشيء من التفصيل والتحليل, لما لذلك من أثر مباشر على مستقبل النضال الفلسطيني، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم, ولعلاقة ذلك بالثوابت الوطنية والقومية للشعب العربي بأسره.
ولعل من الأهمية التذكير بأن نضال الشعب الفلسطيني المسلح، حين انطلق بقيادة حركة فتح، عام 1965 قد أكد على التحرير الكامل لفلسطين التاريخية. وحين حدث عدوان حزيران/ يونيو عام 1967، واحتلت الضفة الغربية وقطاع غزة بدأ الحديث عن برنامج مرحلي للتحرير، يشمل قطاع غزة والضفة كمرحلة أولى للانطلاق لتحرير بقية الأراضي الفلسطينية. وكان هذا التنظير الجديد قد أخذ مكانه، على الصعيد العملي، إثر حرب 6 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973.
وقد بلغ النقاش باتجاه السلطة الفلسطينية الوطنية المستقلة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ذروته ضمن مناقشات الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت بالقاهرة في حزيران/ يونيو عام 1974. فقد أشير آنذاك في معرض التبشير بإيجابيات فكرة إقامة دولة في القطاع والضفة، إلى أن تأسيس دولة فلسطينية سوف يرغم إسرائيل على تقديم تعريف لحدودها الجغرافية، ذلك أنها لم تضع تعريفا رسميا دقيقا لتلك الحدود. وقد اتخذت من ذلك ذريعة لبناء المزيد من المستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة.
إن وضع تعريف لحدود الدولة اليهودية، من وجهة النظر هذه، سيحرمها من مواصلة عدوانها ضد جيرانها العرب، تحت حجة وجود حدود متنازع عليها. إضافة إلى ذلك، فإن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير سيجعل من الممكن على الفلسطينيين دعوة الأمم المتحدة إلى تطبيق القرارات المتتالية التي كانت في صالح القضية الفلسطينية، بدءا من قرار التقسيم الصادر عام 1947.
إن قيام الدولة الفلسطينية سيمكن الحكومات العربية من توجيه طاقاتها نحو عملية التنمية في تلك الأقطار، بدلا عن هدرها لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، كما كان الحال منذ تأسيس الكيان الصهيوني.
إن السلطة الفلسطينية ستحقق ثلاثة إنجازات رئيسية: فسوف تصون السلطة استقلال الشعب الفلسطيني وتمكنه من المشاركة السياسية بالمقاومة الفلسطينية وحركة القومية العربية، كما أنها ستشكل قاعدة النضال الفلسطيني لمواصلة النضال حتى التحرير الكامل لفلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر.
لقد كان هذا التنظير هو المحطة الأولى، على طريق القبول بالمشروع الصهيوني والتعايش معه، والتفريط المتتابع لحقوق الفلسطينيين. وقد تبعت هذه المحطة سلسلة طويلة من المفاوضات العلنية والسرية، وأيضا من الدماء التي سالت غزيرة، والتي شملت تصفيات لعدد كبير من القيادات الفلسطينية، وبشكل خاص في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وهي بلا شك جديرة بالقراءة والتفكيك لنقف على النتائج التي سوف تترتب على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وهذا ما سوف نتناوله في الحديث القادم بإذن الله.
د. يوسف مكي
تاريخ الماده:- 2005-08-17
2020-05–0 8-:03
الدكتور محمد سعدي الاشقر من غزة ــ فلسطين ــ بيت حانون
رسالة إلى قادة المنظمات الفلسطينية المقاتلة!!
لا يختلف كل المفكرين وكل السياسيين العرب وغير العرب على مسألة بديهية واحدة وهي إن الحدث الذي سيتم في أواسط هذا الشهر على أرض غزة ما هو إلا خدعة كبرى صاغها وفصلها وحاكها الخياط ” الشاطر ” شارون بكل مهارة وذكاء واقتدار لخداع العالم بكل دوله ومؤسساته وشعوبه وبرلماناته وحكوماته من خلال إيهام وخداع كل هؤلاء بأن دولة إسرائيل قد انسحبت من جزء من أرض فلسطين التاريخية هو منطقة قطاع غزة ، وقد أصبحت السيادة عليها للفلسطينيين ، ويعلم الجميع أن هذا هو محض كذب وافتراء وتزوير للحقائق الصحيحة ، مع أن هذه الحقائق واضحة وضوح الشمس وهي أن السيادة على ارض غزة باقية لإسرائيل بنسبة مئة بالمائة من خلال بقاء أمر السماح بقدوم الفلسطينيين إلى غزة بيد إسرائيل بنسبة مئة بالمائة ، وليس كما يحلو للكثيرين أن يتشدقوا بأن المعبر لن يكون فيه إسرائيلي واحد ، وأنا أؤكد وكل علماء الفكر والسياسة في العالم يؤكدون بأنه حتى لو لم يكن في المعبر الرفحي أي وجود لأي جندي أو رجل أمن إسرائيلي فهذا الأمر يكون
” استهبالا ” ما دامت السيادة الكاملة ستكون لدولة إسرائيل في كل التفاصيل اليومية التي ستحكم الحركة في المعبر الرفحي ، كل من له عقل يقول بان الذي سيحدث ليس انسحاباً ، بل احتلالا وأكيداً طالما بقيت أجواء غزة ليست محرمة على طيران إسرائيل ، وطالما الحركة في المطار الرفحي ستكون في أدق تفاصيلها بالإشراف المباشر أو الغير مباشر للأمن الإسرائيلي ، بعد كل هذا أليس من العيب على الإنسان أن يخدع الشعب الفلسطيني ويوهمه بأن قطاع غزة قد تحرر !! أين التحرير !!؟؟ هناك شيء اسمه الخجل وهو موجود في فطرة الإنسان ، يجب أن يخجل كل إنسان من تسمية ما سيحدث بأنه تحرير !!! هو مطلقاً ليس تحرير، بل هو تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير لعين ، أو هو إعادة احتلال قطاع غزة ، أو هو إعادة تموضع القوات الإسرائيلية حول غزة ، أو كما سماه أحد المعلقين الفلسطينيين الأذكياء عندما قال (( أنا استغرب جدا من الإصرار على استعمال مصطلح انسحاب من بعض المثقفين , لأن الانسحاب يعنى الاستقلال , والاستقلال يعني السيادة , وهذا لن يحدث في غزه ولن تستطيع السلطة أن تمارس أي شكل من أشكال السيادة على برها وبحرها وجوها, كما أنها لن تستطيع إصدار جوازات سفر أو بطاقات هوية أو حتى شهادات ميلاد, لذلك ما سوف يحدث ليس انسحاب, ولكنه ” تغيير في طبيعة الاحتلال ” , لذالك يجب استعمال مصطلح ” تغيير طبيعة الاحتلال ” )) تقريباً وصلنا إلى نهاية الكلام وكل ما سبق يؤكد الدهاء في سياسة دولة إسرائيل ضدنا كشعب وهذا بالتأكيد مؤلم ومحزن وكئيب ولكنه يأتينا من قبل دولة إسرائيل وهي التي لا تخطط لنا بكل تأكيد بما يصب في مصلحتنا وهذا مفهوم وهو من بديهيات قوانين الصراع بين البشر منذ بداية الخليقة ، ولكن المحزن والمبكي والمثير للشفقة هو الطريقة اللامنطقية واللامعقولة التي يفكر بها كل أصحاب القرار في السلطة الفلسطينية وكل الوزارات والمؤسسات ، وكل أعضاء التشريعي ، وكل أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني ، ومنظمة التحرير الفلسطينية ، وكل هؤلاء أيضاً قد يكون بشكل أو بآخر مقبول منهم أن يفكروا بهذه الطريقة اللامنطقية بسبب ارتباطهم بمنهج أوسلو الذي يرون فيه كل الخلاص للشعب الفلسطيني ، ولا نستطيع أن نحجر على تفكيرهم لأنهم منسجمين مع أنفسهم في التفكير والممارسة ، ولكن الكارثة واللامعقول والطامة الكبرى جاءت للشعب الفلسطيني من قادة الفصائل المقاتلة الوطنية والإسلامية كلها ودون استثناء عندما نجدهم يحضرون الدفوف والطبول والمزامير والرايات والأعلام !! لماذا!!؟؟ وما الخبر!! لماذا تجهزون كل ذلك !!؟؟ الإجابة العجيبة هي : لنحتفل بالتحرير!!!؟؟ وبمعنى أكثر إثارة للقهر فانهم باحتفالاتهم الكئيبة هذه يشاركون بوعي مع شارون ويسهلون له خداع كل العالم ، والكارثة وفوق كل هذا اللامنطق واللامعقول يطلبون ببساطة من شعبنا الفلسطيني العظيم الذي سيسجن في السجن الجديد المسمى قطاع غزة أن يسلك سلوكاً مهذباً وحضارياً كي يقوم المانحين في الغرب بإلقاء بقايا فتات موائدهم له !! أليس هذا قمة اللامنطق واللامعقول !!؟؟
drashqar250@yahoo.com
الدكتور محمد سعدي الاشقر
غزة ــ فلسطين ــ بيت حانون
2020-05–0 8-:06
عزيزة الخولى من مصر
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ/ يوسف مكى
هذه المخاوف التى عبرتم عنها فى هذا المقال الرائع تدور بخلدنا بالفعل، وعلينا جميعا أن نعلنها بقوة حتى لا يتصور الجانب الآخر أننا قد خدعنا بما تفضل علينا به .
فلسطين أرضنا مهما حاولوا أن يخدعونا ولا يمكن أن تقوم دولة إسرائيلية فى قلب الوطن العربى طالما أننا لاننسى القضية وستظل المقاومة مستمرة إلى أن يعود الحق كاملا.
يقول تعالى “ومكروا مكرا ومكرنا مكرا والله خير الماكرين”
والله المستعان
عزيزة الخولى